2009/11/24

الزواج بين لبنانيين وفلسطينيين

كيف تحافظ مجموعة قومية على حدودها؟  يقدم (دانيال ماير) هذه المسألة في مقالته Mariages sur la frontière du groupe national: Normalité et transgressions dans les unions matrimoniales libano-palestiniennes au Liban المنشورة في عدد شتاء عام ٢٠٠٨ من مجلة Cultures & Conflits والمتاحة للقراءة مجاناً على موقع المجلة.

يذكر (ماير) أن سياسة الدولة اللبنانية تجاه اللاجئين الفلسطينيين من أكثر السياسات تمييزاً في العالم العربي.  فالدولة لا تعترف بأنهم لاجئون أصلاً وإنما تعتبرهم مجرد « أجانب ».  وقد أنشأ القادة السياسيون اللبنانيون ما هو بمثابة حدود قانونية بين المواطنين اللبنانيين واللاجئين الفلسطينيين في أعقاب الحرب الأهلية (١٩٧٥-١٩٩٠).  ويؤكد المؤلف أن جزءاً كبيراً من الانتماء القومي اللبناني أصبح يعتمد على احتقار اللاجئين الفلسطينيين، الذين تم تحميلهم مسؤولية الحرب.  ويرى (ماير) أن دراسة الزواج بين أعضاء مجموعتين قوميتين قد تلقي الضوء على الطرق التي يتم بها تحديد الحدود الرمزية بين المجموعتين.  قد يتجاوز الأفراد هذه الحدود ولكن بشروط.  فيُعتبر الزواج بين لبنانيين وفلسطينيين مشلكة في حالات معينة بينما يُعتبر عادياً في حالات أخرى.

يقدم المؤلف عدة بيانات أساسية عن الموضوع، وأهم العوامل التي قد تسهّل هذه الزيجات أو تحول دونها، وفقاً لنتائج بحثه الميداني.  يذكر أن الزواج في لبنان ليس اتفاقاً بين فردين فحسب، بل يعبر عن التزام وتقدير متبادليْن بين عائلتين.  ويصعب الزواج بشكل عام بين عائلتين لا تنتميان إلى نفس الطائفة أو بين عائلة لبنانية وعائلة أجنبية.  وليس هناك زواج مدني في لبنان فيخضع الزواج لقانون الأحوال الشخصية الخاص بكل من الطوائف الثماني عشرة.  لذلك فإن الزواج بين امرأة مسلمة ورجل غير مسلم ممنوع، على سبيل المثال.  وليس من حق امرأة لبنانية أن تعطي أبناءها جنسيتها إذا كان أبوهم أجنبياً، حتى ولو وُلدوا في لبنان، مما يمنعهم من العمل في بعض المهن.  وعلاوة على ذلك فإن المرأة الفلسطينية التي تتزوج لبنانياً تحصل على إقامة لبنانية فوراً، ثم الجنسية اللبنانية بعد عام من الزواج، بينما الرجل الفلسطيني الذي يتزوج لبنانية لا يحصل على إقامة ويظل لاجئاً.  ويحدث الزواج بين لبنانيين وفلسطينيين خاصة بين مسلمين، فإن تجنيس الفلسطينيين المسيحيين في لبنان تم بشكل جماعي في الخمسينيات.

ويؤكد (ماير) مع ذلك أن المتغير الطائفي ليس أهم المتغيرات التي تتحكم في احتمال هذه الزيجات، فإنه يبدو أن المتغير الجغرافي أهم.  وذلك أولاً لأن معظم هذه الزيجات تتم في جنوب لبنان، حيث استقر معظم الفلسطينيين الذين لجؤوا إلى لبنان بعد تهجيرهم من فلسطين في عام ١٩٤٨.  كما تتم خاصة خارج المخيمات الفلسطينية.  ويذكر المؤلف أن نصف اللاجئين الفلسطينيين تقريباً في لبنان يسكنون خارج المخيمات.  وثانياً فإن القرب الاجتماعي المرتبط بالقرب الجغرافي بين عائلات تسكن في نفس الأحياء، هو أحد أهم العوامل التي تسهّل الزواج فيما بين المجموعتين، حتى وإن كان اللبنانيون من الشيعة والفلسطينيون من السنة.  أضف إلى ذلك متغيراً زمنياً، فكلما كان الفلسطيون أقوياء في لبنان بشكل عام (خاصة في أوائل السبعينيات)، كلما سهل الزواج بينهم وبين اللبنانيين.

ثم يقسم الباحث الزيجات بين المجموعتين إلى ثلاثة تصنيفات.  إن التصنيف الأول يحتوي على الزيجات التي لا تُعتبر اختراقاً للأعراف الاجتماعية فلا تسبب صراعاً في العائلات التي تشارك فيها، حتى ولو كان الزوج والزوجة من طائفتين مختلفتين.  ويتم الزواج بهذه السهولة خاصة بفضل المجاورة وبين عائلات ذات الدخل المنخفض.  وفي التصنيف الثاني نجد الزيجات التي تخالف الأعراف ولا تتم إلا بعد فترة تفاوض بين العائلتين.  ويؤكد (ماير) أنها تحدث خاصة بين عائلتين من طائفتين مختلفتين.  وفي التصنيف الثالث الزيجات التي تُعتبر اختراقاً خطيراً للأعراف فتؤدي إلى قطيعة، وتتم أحياناً بفضل خطف البنت.  ويؤكد المؤلف على أن ليس هناك فرق موضوعي بين الاختراق في هذا التنصيف والاختراق في التصنيف السابق، وإنما الفرق يكمن في رؤية العائلات إلى الموقف.  ويشير إلى أن الاعتراض على الزواج يأتي غالباً من جانب العائلة اللبنانية.  وتبقى الزيجات التي لا تتم، والتي لا نكاد نعرف عنها شيئاً، بين أفراد لا يستطيعون التغلب على اعتراضات عائلاتهم.

هناك 6 تعليقات:

Sahran يقول...

عزيزي بنجامين

ربما يكون فلسطينيي لبنان هم الأكثر بؤسا بين الشعب الفلسطيني في جميع البقاع

حالهم مزري وما من أحد يشفق لحالهم

للأسف فأخوتنا الفلسطينيين في لبنان يدفعون ثمن الغباء السياسي الذي يحكم لبنان منذ عقود طويلة

تحيااااااااااتي لك


ودمت سالما

Lebanos يقول...

يوجد صعوبات في تدوين تعليقات على صفحاتك. يجب ان تفتح المجال تقنيا للكتابة اكثر.

اريد ان اقول تعليقا على المقال اعلاه ما يلي:
كيف يستطيع السياسيون والناس في لبنان تطبيع العلاقات بين الفلسطينيين واللبنانيي اذا كانوا يقرأون في صحفهم المواد أدناه. هنا لينك لمقال من جريدة الاخبار في عددها اليوم

http://www.tayyar.org/Tayyar/News/PoliticalNews/ar-LB/129043613423105470.htm

او هنا

http://www.al-akhbar.com/ar/node/167961

بنجامين گير يقول...

أهلا يا Lebanos،

ما هي الصعوبات التي تقصدها؟ المجال مفتوح للتعليقات هنا، وأنت نشرت تعليقك.

أما أعمال العنف التي تشير إليها، فلا أستطيع أن أفتي في تفسيرها، ولكني أستطيع أن أسألك عدة أسئلة:

كيف تحمّل جميع الفلسطينيين مسؤولية اغتيال ارتكبه فرد واحد أو عدد قليل من الأفراد؟

هل هناك علاقة بين هذا العنف وبين ظروف اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات لبنان؟ إن اليأس والغضب الناتجين عن الظلم والفقر قد يدفعان بعض الأشخاص إلى تبني العنف في أي بلد.

ثم كم زعيماً لبنانياً مسؤول عن أعمال قتل في فترة الحرب الأهلية؟ هل يجب أن يرفض اللبنانيون « تطبيع العلاقات » بينهم وبين كل الطوائف التي ينتمي إليها كل هؤلاء السياسيين؟

Lebanos يقول...

مرحبا ريتشارد،

كتبت تعليقات ولكنك لم تنشرها. المهم الآن ان اكتب لك عن بعض النقاط التي أرى انها ستساعد على فهم الامور:

- المقال اعلاه يكتب عن الفصل "ما قبل الاخير" من كل القصة. اللبنانيون والفلسطينيون في لبنان كتبوا فصول عديدة قبل هذا. وهذه الفصول أدت الى هذه العنصرية المتبادلة. فكما يؤدي "اليأس والغضب الناتجين عن الظلم والفقر" الى تبني العنف والعنصرية في جهة ما فسيؤدي الى تبني العنف والعنصرية في الجهة المقابلة.

- عندما خُيّروا اللبنانيون بين وجودهم القومي المهدد من الاحتلال الفلسطيني للكيان اللبناني وبين "ظروف اللاجئين الفلسطينيين"، اختاروا الحفاظ على وجودهم. لقد قال عرفات بالحرف عندما عاد الى فلسطين: "سأحكم فلسطين كما حكمت لبنان".

- ان السياسات الدولية والعربية التي انتهجت خلال الحربين العالمتين في القرن العشرين، هجرت الفلسطينيون، وليس قوانين الزواج اللبنانية المجحفة.

- ان "الحرب الاهلية" اللبنانية، ليست حرب اهلية، بل حرب انظمة عربية وغربية ضد النظام اللبناني القائم على حريات وتسويات وطرق عيش. ولقد ساهم الفلسطينيون في تلك الحرب.

- تحتاج النفوس الى التأقلم تدريجيا مع معان كالديموقراطية والمصالحة والشفافية. وهذا يحتاج الى وقت، ولكن لا تزال منظمات فلسطينية تتدخل في الشؤون اللبنانية عنفا وارهابا. فمن اين سيجلب اللبنانيون الدوافع.

- هل تعرف انه لا يزال آلاف العائلات اللبنانية مهجرين، في داخل وخارج بلادهم، من جراء هجمات فلسطينية في اعوام "الحرب الاهلية".

- المؤسف جدا ان الحالة المزرية للاجئين الفلسطينين مستمرة بسبب السياسات الخاطئة من الجميع.

- هل تعرف ان كلفة برج في دبي كفيل ببناء مساكن لائقة لكل العائلات الفلسطينية في لبنان. ابحث عن جنسية المستثمرون في لبراج دبي.

بنجامين گير يقول...

مرحبا يا Lebanos،

اسمي بنجامين (وليس ريتشارد، بخلاف الممثل المشهور) ولم أرفض أي تعليق لك، ولا رأيتُ أي تعليق لك سوى التعليقين أعلاه.

أما فكرة الدفاع عن القومية فأدعوك إلى قراءة تدوينتي عن الفصل بين المواطنة والانتماء القومي.

وأما تعبير « الاحتلال الفلسطيني للكيان اللبناني » فهو غير صحيح. إن الفلسطينيين الذين اتجهوا إلى لبنان في عام ١٩٤٨ كانوا لاجئين وليسوا غزاة. ولم يحكم عرفات لبنان، مهما قال. (ويبدو لي أنه لم يقل ذلك، وإنما قال « كما حكمت في لبنان »، أي في المخيمات الفلسطينية التي كانت منظمة التحرير الفلسطينية تسيطر عليها في لبنان.)

وأعتقد أن وجود منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان لم يبدأ إلا في بداية السبعينات. أين فترة ما بين عام ١٩٤٨ وعام ١٩٧١ في تاريخك للاجئين الفلسطينيين في لبنان؟ هل كانوا « يهددون » لبنان في تلك الفترة؟ وإذا كان الأمر كذلك فلماذا تم تجنيس المسيحيين منهم؟ ولماذا لم يتم تجنيس المسلمين منهم أيضاً؟

لا تعزو المقالة تهجير الفلسطينيين من فلسطين إلى قوانين الزواج اللبنانية، طبعاً، وإنما تصف آثار التمييز ضد الفلسطينيين الآن. من الجدير بالذكر أن جميع اللاجئين في أنحاء العالم، على اختلاف مناشئهم ومقاصدهم، لم يصبحوا لاجئين إلا بسبب الظلم، وأن الدول التي رحبت بهم ليست مسؤولة عن هذا الظلم في الغالب. ولكن ذلك لا يمنعها من تجنيسهم. إن الولايات المتحدة، على سبيل المثال، رحبت بثلاثين مليون مهاجر تقريباً بين عام ١٨٣٦ وعام ١٩١٤، ومنحتهم الجنسية الأمريكية، ولم يسفر ذلك عن أي مشكلة على حد علمي، بل يبدو لي أن المجتمع الأمريكي استفاد من مواهب كل هؤلاء. ولا تزال أمريكا تجنّس مليون مهاجر تقريباً في كل سنة. لم أسمع عن أي دليل على أن تجنيس لاجئين أدى إلى مشاكل اجتماعية في أي بلد، وإنما أرى أدلة كثيرة على أن وجود لاجئين أو مهاجرين دون تجنيسهم يؤدي إلى مشاكل خطيرة.

أما الحرب الأهلية اللبنانية فيصفها المتخصصون بأنها فعلاً حرب أهلية رغم تدخل دول أخرى فيها. وأقترح عليك قراءة الموضوع عن الفصل بين المواطنة والانتماء القومي في هذا الصدد أيضاً.

عذري مازغ يقول...

merci bien pour ta invitation pour voir le texte