tag:blogger.com,1999:blog-45067080916400235782024-03-13T21:13:07.479+02:00أبحاث لفتت نظريلمحات عن العلوم الاجتماعيةبنجامين گيرhttp://www.blogger.com/profile/01514748224616373407noreply@blogger.comBlogger21125tag:blogger.com,1999:blog-4506708091640023578.post-19188565853822813212014-12-15T02:03:00.001+02:002014-12-15T02:03:29.007+02:00موارد سوسيولوجية<div dir="ltr" style="text-align: left;" trbidi="on">
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
لدي مدونة جديدة اسمها <a href="http://xn----ymchlnlqa7md7afbb1ae.xn--ngbc5azd/blog/">موارد سوسيولوجية</a> وأتمنى أن تعجبكم.</div>
</div>
بنجامين گيرhttp://www.blogger.com/profile/01514748224616373407noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-4506708091640023578.post-66611985741596876092010-08-03T01:24:00.000+03:002010-08-03T01:24:37.748+03:00إضافات: المجلة العربية لعلم الاجتماع<div dir="rtl" style="text-align: right;" trbidi="on">أريد أن أنبه قراء هذه المدونة إلى مجلة « <a href="http://www.caus.org.lb/Home/electronic_magazine_list3.php?CatID=4">إضافات: المجلة العربية لعلم الاجتماع</a> »، الصادرة على الإنترنت مجاناً عن مركز دراسات الوحدة العربية ببيروت. ولفتت نظري، في عدد الشتاء لعام ٢٠١٠، مقالة « <a href="http://www.caus.org.lb/Home/down.php?articleID=3236">الدولة القومية غير المرنة والمواطَنة المرنة في الوطن العربي</a> » بقلم ساري حنفي، ومقالة « <a href="http://www.caus.org.lb/Home/down.php?articleID=3234">نحو سوسيولوجيا للعموم</a> » بقلم مايكل بوراووي.</div>بنجامين گيرhttp://www.blogger.com/profile/01514748224616373407noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-4506708091640023578.post-84341200505776527312010-07-21T16:51:00.011+03:002010-07-23T15:35:31.914+03:00الدراسة في الخارج قد تجعل المرء أقل قومية وأكثر عالمية<div dir="rtl" style="text-align: right;" trbidi="on">لقد درس كثير من الزعماء الصينيين في الخارج منذ أواخر القرن التاسع عشر. يعود حالياً بين ٤٠ ألف و٥٠ ألف طالب صيني من الدارسة في الخارج في كل سنة، ويزداد انضمامهم إلى النخبة السياسية والأكاديمية والثقافية والاقتصادية. هل رؤيتهم للأشياء أقل قومية وأكثر عالمية من رؤية من لم يدرس في الخارج؟ يجيب (دونگلين هان) و(دافيد تسفايگ) على هذا السؤال بالإيجاب في مقالهم <a href="http://dx.doi.org/10.1017/S030574101000024X">Images of the World: Studying Abroad and Chinese Attitudes Towards International Affairs</a>، الصادر في عدد يونيو ٢٠١٠ من مجلة The China Quarterly. ويريان أن من شأن هذا أن يؤثر على السياسة الخارجية الصينية. <br />
<br />
أجرى المؤلفان دراسة استقصائية لآراء الخريجين الذين درسوا في اليابان وكندا خلال الـ١٥ سنة الماضية، ثم قارنا بين نتائج هذا البحث وبين نتائج بحث آخر عن آراء الطبقة الوسطى الصينية عامة. ويؤكدان أنه تبين أولاً أن مشاعر العائدين تجاه البلد الذي استضافهم أكثر ودياً من مشاعر غيرهم تجاه نفس البلد.<br />
<br />
ثم يتطرقان إلى الآراء فيما يتعلق بالسياسة الخارجية. يعزوان هذه الآراء إلى رؤيتين أساسيتين: الرؤية العالمية التعاونية والرؤية القومية. تعكس الرؤية العالمية التعاونية استعداد المرء لمساعدة الشعوب الأخرى، وقيست في البحث بالموافقة على مزيد من المساعدات الصينية للدول الفقيرة. أما الرؤية القومية فهي تنظر إلى الأجانب على أنهم يهددون مصالح الصين وهويتها، وتعزو ضعف الصين إلى استغلال القوى الخارجية لها وإلى تسلل الثقافات الأجنبية إليها، فتهدف إلى انخراط حذر في الشؤون الدولية، تجنباً للإهانات الممكنة. ويقسم المؤلفان القومية إلى قومية سياسية وقومية اقتصادية. قيست القومية السياسية في البحث بالموافقة على هاتين الجملتين: « ينبغي أن يؤيد كل شخص وطنه حتى إذا رأى أن وطنه مخطئ » و« ينبغي أن نكون مستعدين لاستخدام القوة العسكرية لحماية مصالحنا الوطنية ». وقيست القومية الاقتصادية بالموافقة على هاتين الجملتين: « ينبغي أن نحد من الواردات لنحمي اقتصاد وطننا » و« ينبغي أن نمنع الأجانب من شراء الشركات الكبيرة في القطاع العام ».<br />
<br />
أظهرت نتائج البحث أن العائدين من كندا واليابان يعتنقون رؤية عالمية تعاونية إلى حد كبير. أما القومية فإنهم ميالون إلى القومية السياسية، غير أنهم يفضّلون التجارة الحرة على القومية الاقتصادية في الغالب. ومن الملاحظ أن القومية السياسية أشد عند من درس في اليابان منه عند من درس في كندا، ويرى الباحثان أن هذا قد يكون نتيجة لتأثير السلامية اليابانية. <br />
<br />
وبالمقارنة بالطبقة الوسطى الصينية، فإن العائدين من الدراسة في الخارج أميل إلى الرؤية العالمية التعاونية، وأقل قومية. يرى المؤلفان أنه من المحتمل أن يرجع ذلك إلى الدراسة والإقامة في الخارج، ولكن لا يمكنهما استبعاد فرضية أن أصحاب الرؤية العالمية أميل من غيرهم إلى السفر أصلاً. ويشيران إلى أن العائدين أقلية صغيرة، وأننا لا نعرف ما إذا كانوا سيؤثرون في سياسات الدولة. ولكن تاريخ الصين الحديث يدل على التأثير الكبير الذي أحدثه الطلاب الذين عادوا إلى الصين بعد الدراسة في الخارج فيما مضى.</div>بنجامين گيرhttp://www.blogger.com/profile/01514748224616373407noreply@blogger.com5tag:blogger.com,1999:blog-4506708091640023578.post-90538374751866089642010-06-28T00:32:00.009+03:002010-06-28T20:12:32.122+03:00هل تصنع الأحزاب الانقسامات الاجتماعية؟<div dir="rtl" style="text-align: right;" trbidi="on">يشير (سيدريك دي ليون) و(مانالي ديساي) و(جهان طوغال)، في مقالتهم <a href="http://www.asanet.org/images/journals/docs/pdf/st/Sept09STFeature1.pdf">Political Articulation: Parties and the Constitution of Cleavages in the United States, India, and Turkey</a>، الصادرة في عدد سبتمبر ٢٠٠٩ من مجلة Sociological Theory والمتاحة للتنزيل مجاناً، إلى أن الأبحاث الاجتماعية غالباً ما تفترض أن طبيعة الأحزاب السياسية تعكس طبيعة الانقسامات الموجودة في المجتمع. يتشكك المؤلفون في هذا الافتراض، ويحاولون إثبات العكس، أي أن الانقسامات لا توجد قبل أن تبنيها الأحزاب.<br />
<br />
يركزون على ثلاثة مشروعات سياسية حديثة: إنشاء الأحياء المتجانسة عرقياً في الولايات المتحدة، والتعبئة الإسلامية في تركيا، والقومية الهندوسية في الهند. لقد أدى كل من هذه المشروعات إلى تكوين مجموعة عرقية أو عرقية-دينية. فيسأل المؤلفون: لماذا ظهرت هذه المجموعات دون غيرها؟ ويؤكدون أن كلها تبلورت بفضل جهود أحزاب معينة: الحزبين الديمقراطي والجمهوري في الولايات المتحدة، وحزب العدالة والتنمية في تركيا، وحزب (بهاراتيا جاناتا) في الهند.<br />
<br />
يذكرون أن في العلوم الاجتماعية تياراً « متمركزاً على الدولة » يرجع إلى عالِم الاجتماع (ماكس فيبر). يعرّف هذا التيار الدولة على أنها مؤسسة تحتكر وسائل القسر في إقليم معين، ويرى أن الدولة الحديثة استقلت عن المجتمع، فتنتهز موقعها بين الطبقات، بالإضافة إلى موقعها في النظام الدولي، لاستخراج الموارد وتعزيز قدراتها الإدارية. ينتقد المؤلفون هذا التيار، بناءً على مقالة مشهورة لـ(تيموثي ميتشيل) أشار فيها إلى أن فكرة الدولة تركيب سياقي في حد ذاتها، فالحدود بين الدولة وبين المجتمع ليست معطاة، وإنما يتم تحديد معنى « الدولة » ومعنى « المجتمع » حسب سياق الحديث. فيؤكد المؤلفون أن الأحزاب تلعب دوراً مهماً في تحديد هذه المعاني.<br />
<br />
ثم يتطرقون إلى نظريات الحركات الاجتماعية. تعزو نظرية « الفرص السياسية » التغيير السياسي إلى انقسامات داخل النخبة الحاكمة، واستراتيجيات هذه النخبة واستعدادها لاستخدام العنف ضد المعارضة. أما نظرية « تعبئة الموارد » فإنها تركز على قدرة النشطاء على تراكم موارد من شأنها أن تفيد نشاطهم السياسي. لا تلعب الأحزاب دوراً مهماً في هاتين النظريتين. غير أن تناولاً آخر نشأ في الآونة الأخيرة يأخذ في الاعتبار ما يسمى « التأطير »، فيفترض أنه لا يمكن أن تنجح أي حركة اجتماعية دون أن تقدم خطاباً يطابق الـ« أطر » المفهومية التي يتصور بها جمهور الحركة مظالمه. يوافق المؤلفون على أهمية التأطير في نجاح التعبئة، ولكنهم لا يعتبرون المظالم معطاة، وإنما يقولون إن كل حزب يعرّف المظالم بطريقة تناسب مشروعه السياسي.<br />
<br />
وبناءً على فكر الفيلسوف الماركسي (لوي ألتوسير) فإنهم يؤكدون أن الأحزاب (والمنظمات السياسية بشكل عام) تبني المظالم من خلال تصنيف الأفراد وفق معايير أيديولوجية، وأن الناس ليس لهم مظالم أو قضايا واضحة محددة خارج هذه العملية. وعلاوة على ذلك فإن أحزاباً متنافسة قد تصنف نفس الشخص وفق مسميات مختلفة، مثل المسلم المظلوم، أو العاطل عن العمل، أو البروليتاري، مما يؤدي إلى نتائج سياسية مختلفة. هكذا تكوّن الأحزاب فئات اجتماعية، من خلال إقناع الأفراد بتصنيف أنفسهم بطرق معينة. ومعنى ذلك ليس أن الأحزاب تستطيع أن تبني الانقسامات الاجتماعية كما تشاء، بغض النظر عن الظروف الاقتصادية والقواعد المؤسسية وما إلى ذلك، بل أنها تلعب دوراً رئيسياً في الاختيار بين الانقسامات المحتملة في الظروف السائدة. ويشير المؤلفون إلى أوجه الشبه بين هذه الحجة وبين نظريات (أنتونيو گرامشي) و(بيير بورديو)، اللذين اعتبرا أن الصراعات تبني الطبقات، والفئات الاجتماعية بصورة عامة.<br />
<br />
ثم يتناولون أمثلتهم الثلاثة. أما أمريكا فيذكرون أولاً أن السياسات الاقتصادية للحزب الديمقراطي، الذي تولى الحكم أثناء الكساد الكبير (في الثلاثينات من القرن العشرين) وفي فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، رمت إلى تشجيع الاستهلاك، فعرّفت الدولة المواطن على أنه مستهلك يقوم بواجبه الوطني من خلال الاستهلاك. وكان تشجيع شراء المنزل الذي تسكنه أسرة واحدة من أهم ركائز هذه السياسة، التي أعطت الأولوية لتوفير رهون عقارية للأسر البيضاء التي اشترت منازل في ضواحي المدن، وذلك من أجل تكوين أحياء متجانسة عرقياً للبيض في الضواحي، وإبقاء السود في الأحياء الفقيرة داخل المدن. هكذا نظر كثير من البيض، الذين لم يدركوا عنصرية سياسات التخطيط الحضري، إلى الفصل العنصري المتزايد على أنه نتيجة للجدارة الفردية بدلاً من العنصرية الجماعية. بالتالي، عندما قامت حركة الحقوق المدنية في الخمسينات، بالتعاون مع إحدى فصائل الحزب الديمقراطي، اعترض عليها كثير من البيض، ليس باسم العنصرية وإنما باسم حقوق المستهلك. ورغم النجاح النسبي الذي حققته حركة الحقوق المدنية في النصف الثاني من القرن العشرين، إلا أن الحزبين الديمقراطي والجمهوري لا يزالان يتنازعان أصوات هذا تحالف من الناخبين البيض حتى الآن.<br />
<br />
أما حزب (بهاراتيا جاناتا) في الهند فتأسس في عام ١٩٨٠، وتولى الحكم من عام ١٩٩٨ إلى عام ٢٠٠٤. لقد اعتنق الحزب عدة أيديولوجيات متعارضة على التوالي، بما فيها سياسة الحماية الاقتصادية وسياسة تحرير التجارة. ولكنه صنّف دائماً ناخبيه على أنهم هندوس يظلمهم المسلمون والمسيحيون، واستخدم خطاباً <a href="http://benjamingeer.blogspot.com/2010/02/blog-post.html">شعبوياً</a> قائماً على القومية الثقافية الهندوسية، فاكتسب تأييد ناخبين هندوس متنوعين ذوي مصالح متضاربة. أدى هذا التضارب داخل الحزب إلى هزمه في انتخابات عام ٢٠٠٤، لأن سياساته الاقتصادية كانت قد أفادت الأغنياء بينما كانت أحوال الفقراء وجزء من الطبقة المتوسطة قد تدهورت في ظل حكمه. يشير المؤلفون إلى أن النظريات السياسية السائدة غير قادرة على تفسير وصول حزب (بهاراتيا جاناتا) إلى السلطة، فإن الظروف لم تتح فرصاً سياسية للقومية الدينية فحسب، وإنما لمشروعات أخرى أيضاً، مثل يسار الوسط. فيعزو المؤلفون نجاح الحزب القومي الهندوسي إلى جهوده الرامية إلى تكوين فئة اجتماعية وتطبيعها من خلال إقناع الناس بتصنيف أنفسهم بطريقة معينة.<br />
<br />
لا يختلف الأمر كثيراً في حالة تركيا. تأسس أول حزب إسلامي جماهيري في تركيا في عام ١٩٧٠، وجمع بين فئات مختلفة، من خلال إعادة تعريف قضايا سياسية خاصة بأحزاب يمين الوسط على أنها قضايا إسلامية، باسم مشروع ديني غير واضح طالبَ بالعدالة الاجتماعية. منعت الدولة الأحزاب الإسلامية الواحد تلو الأخر. وفي الثمانينات والتسعينات، أصبح الحزب الإسلامي ميدان تنافس بين مطالب سياسية متعارضة، مما أدى إلى اعتدالها جميعاً وتكوين موقف مشترك متوسط، وتعريف الناخب الإسلامي المتوسط على أنه صاحب هذا الموقف، الأمر الذي لم يكن ليحدث لولا الحزب. غيرت الأحزاب الإسلامية مواقفها الاقتصادية والسياسية وفقاً للظروف، فتبنّت الليبرالية الجديدة في بداية القرن الحادي والعشرين، شأنها في ذلك شأن حزب (بهاراتيا جاناتا) الهندي. وحاول حزب العدالة والتنمية التصالح مع النخبة العلمانية الحاكمة، واكتسب تأييد الكثير من ناخبي يمين الوسط العلماني وشخصياته البارزة، فحقق فوزاً انتخابياً كبيراً في عام ٢٠٠٢ كما في عام ٢٠٠٧.<br />
<br />
وفي الخاتمة، يقول المؤلفون إن نتائج هذا البحث تثبت أن المشروعات السياسية الهادفة إلى الهيمنة تفشل عندما لا تؤيدها أحزاب تقوم بالعمل الذي يتطلبه تطبيع فئات اجتماعية جديدة تستطيع أن تحل محل التكتلات المسيطرة. ويضيفون أن من شأن تناولهم لدور الأحزاب في بناء الانقسامات الاجتماعية أن ينطبق على حالات أخرى، بما فيها جماعة الإخوان المسلمين في مصر، وحركة حماس في فلسطين، والمؤتمر الوطني الأفريقي في جنوب أفريقيا.</div>بنجامين گيرhttp://www.blogger.com/profile/01514748224616373407noreply@blogger.com3tag:blogger.com,1999:blog-4506708091640023578.post-10741350948901654512010-05-14T23:51:00.020+03:002010-06-28T03:02:58.452+03:00حملة مقاطعة إسرائيل<div dir="rtl" style="text-align: right;" trbidi="on">تذكر أبيگيل باكان وياسمين أبو لبن، في مقالتهما <a href="http://dx.doi.org/10.1177/0306396809106162">Palestinian Resistance and International Solidarity: The BDS Campaign</a>، الصادرة في العدد الأول لعام ٢٠٠٩ من مجلة Race and Class، أن حرب إسرائيل على غزة في ديسمبر ٢٠٠٨ ويناير ٢٠٠٩ أحدثت موجة جديدة من التضامن الدولي مع الفلسطينيين. ومثال ذلك مقالة نشرتها الصحافية الكندية المشهورة (ناعومي كلاين)، في الصحيفة البريطانية (ذي گارديان) والصحيفة الأمريكية (ذي نيشن)، لتأييد حملة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها، من أجل عزلها كما عُزلت أفريقيا الجنوبية في النصف الثاني من القرن العشرين، الأمر الذي ساهم في انهيار نظام الفصل العنصري (الأبارتيد) في ذلك البلد.<br />
<br />
تشير المؤلفتان إلى أنه كثيراً ما يصعب على الباحث أن يقدم بحثاً عن القضية الفلسطينية دون أن يعزو بعض القراء نتائج البحث إلى أصل الباحث بدلاً من منهجه العلمي. فتصارحان بأصليهما لئلا تصرف الصورُ النمطية الانتباهَ عن مضمون حجتهما. أما أبيگيل باكان فهي يهودية تعيش في كندا، وهي متحدرة من لاجئين هربوا من أوروبا الشرقية بسبب المذابح المنظمة ضد اليهود، وتذكر قتل بعض أفراد عائلتها في الهولوكوست. وأما ياسمين أبو لبن فهي من فلسطينيي الشتات، فإن العنف الصهيوني هجّر عائلة أبيها من فلسطين في عام ١٩٤٨، ثم استقر أبوها في كندا مع أمها الأمريكية.<br />
<br />
ترى الباحثتان أن حملة المقاطعة خطوة إيجابية بالنسبة للتضامن الدولي وتقدُّم الحركات الاجتماعية، وأنها قد تزعزع الصهيونية. تستخدمان، في تفسيرهما لتاريخ حملة المقاطعة، مفهوم « العقد العرقي » للفيلسوف (تشارلز ميلز). يرى (ميلز) أن العنصرية بمثابة نظام سياسي ضمني في الدول الديمقراطية الحديثة يقوم على فكرة أن البيض وحدهم بشر وأن غير البيض ليسوا إلا أنصاف بشر. فتؤكد باكان وأبو لبن، بناءً على نظرية (ميلز)، أن هناك عقد عرقي دولي، منذ عام ١٩٤٨، يطابق بين مصالح إسرائيل ومصالح الدول الكبرى، ويفترض أن الفلسطينيين أنصاف بشر لا يستحقون دولة. وتعتبر المؤفلتان هذا العقد العرقي أحد عناصر الهيمنة الثقافية (بالمعنى الذي حدده المفكر الماركسي أنتونيو گرامشي) التي تساهم في سيطرة النخبة الغربية على العالم.<br />
<br />
مما يصعّب مواجهة الصهيونية في الغرب أن الصهيونية، باعتبارها رد فعل على كراهية اليهود في أوروبا وأمريكا الشمالية، تدّعي مناهضة العنصرية، بينما تخدم الاستعمار العنصري في الشرق الأوسط. وطبقاً للعقد العرقي فإن الباحثين الذين ينتقدون إسرائيل، بما فيهم باحثون يهود من أمثال (نورمان فنكلستين) و(إيلان بابي) و(أوري ديفيس)، يواجهون محاولات شرسة لإسكاتهم. يندرج بعض هؤلاء الباحثين في تيار « المؤرخين الجدد » الإسرائيليين، الذين أعادوا كتابة تاريخ إسرائيل والصهيونية من خلال التركيز على تجارب الفلسطينيين، خاصة في النكبة، فقدّموا تاريخ إسرائيل من منظور « ما بعد صهيوني ». وتشير المؤفلتان إلى أن حملة المقاطعة تعتمد اعتماداً كبيراً على أبحاث هذا التيار.<br />
<br />
ثم تلخصان تاريخ حملات مقاطعة إسرائيل. قاطع فلسطينيون الشركات والمنتجات الصهيونية في ظل الانتداب البريطاني على فلسطين قبل عام ١٩٤٨. ولا تزال المقاطعة من قِبَل المستهلكين مهمة، إلا أن حملة المقاطعة الحالية تطالب بمشاركة الدول أيضاً. لقد نادت جامعة الدول العربية بمقاطعة إسرائيل في عام ١٩٤٨، غير أن بعض الدول العربية، مثل مصر والأردن والسعودية والبحرين وعمان، لم تعد تعمل بها. وفشلت جامعة الدول العربية في جذب الانتباه إلى انتهاكات حقوق الإنسان التي يتعرض لها الفلسطينيون، وفي التأثير على الرأي العام في الغرب. وفي السبعينات، صدّقت الولايات المتحدة وعدة دول أوروبية على قوانين تمنع مقاطعة إسرائيل، وبررت ذلك باسم منع « المتييز ».<br />
<br />
هذا عكس ما أنجزته حملة مقاطعة أفريقيا الجنوبية، التي نشأت في الخمسينات، وأدت إلى عقوبات دعمتها الأمم المتحدة ودول غربية كثيرة، بما فيها الولايات المتحدة. هناك أوجه تشابه كثيرة بين نظام الفصل العنصري (الأبارتيد) في أفريقيا الجنوبية وبين النظام الصهيوني في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة. لذلك تضم حركة المقاطعة الحالية شخصيات بارزة من مقاومي الأبارتيد، مثل (ديزموند توتو)، كبير أساقفة جنوب أفريقيا السابق والحائز على جائزة نوبل للسلام.<br />
<br />
في عام ٢٠٠٥، في أعقاب قرار محكمة العدل الدولية الذي طالب بإزالة الجدار العازل الإسرائيلي، نادت ١٧٠ منظمة مدنية في فلسطين بمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها، مستوحية إستراتيجية اللاعنف والتضامن الدولي من نجاح تحول أفريقيا الجنوبية. وعلى نقيض المقاطعة التي كانت جامعة الدول العربية قد أدارتها، فإن حركة المقاطعة الحالية غير هرمية، وتعتمد على وسائل الإعلام الجديدة التي تتوافر على الإنترنت. يبرز فيها جيل جديد من النشطاء الفلسطينيين في الشتات. ونجحت في اكتساب تأييد منظمات مدنية كانت قد نشأت للاعتراض على الليبرالية الجديدة وعلى العسكرية الأمريكية المتمثلة في الحرب على العراق. هكذا أصبحت حركة المقاطعة رمزاً للتضامن الدولي ولرفض العدوان العسكري والتمييز ضد العرب والمسلمين. وقد جرت العادة على تسمية الجدار العازل الإسرائيلي « جدار الأبارتيد »، فيما ازداد عدد الذين ينادون بإحلال دولة علمانية ديمقراطية محل دولة إسرائيل.<br />
<br />
تشارك حكومات محلية وشركات ونقابات عمالية وكنائس ومهرجانات سينمائية، في أوروبا وأفريقيا الجنوبية وكندا، في حملة المقاطعة. ومثال ذلك بنك ASN الهولندي، الذي سحب استثماراته، في عام ٢٠٠٦، من الشركات التي تستفيد من الاحتلال الإسرائيلي. وفي عام ٢٠٠٩، حمل طلاب في بريطانيا والولايات المتحدة جامعاتهم على سحب استثماراتها من إسرائيل. وأعلن المنتدى الاجتماعي العالمي، الذي انعقد في البرازيل في عام ٢٠٠٩ وحضره مائة ألف شخص، تأييده لحملة المقاطعة. ازداد هذا التأييد رغم المعارضة الشديدة التي يتعرض لها من يبرز في الحملة، من قِبَل القائلين بأنها لن تنجح، أو أنها تهدد السلام والأمن، أو أن مقاطعة الجامعات الإسرائيلية تخالف الحرية الأكاديمية، أو أن الدافع الأساسي للحركة هي كراهية اليهود. وعلى سبيل المثال فإن الأستاذ البريطاني (ستيفن روز) اتُّهم بأنه « يهودي كاره لنفسه » عندما نادى، في عام ٢٠٠٢، بمقاطعة الجامعات الإسرائيلية، اقتداءً بالمقاطعات الأكاديمية التي كانت قد واجهت أفريقيا الجنوبية.<br />
<br />
ترى المؤلفتان أن من ميزات حركة المقاطعة أنها توحّد الفلسطينيين، على اختلاف جنسياتهم وطوائفهم وأجيالهم. وفي ظل عجز الأمم المتحدة عن معاقبة إسرائيل على انتهاكاتها للقانون الدولي، تؤكدان أن حركة المقاطعة قد تُعتبر « منظمة أمم متحدة من أسفل » تتحمل هذه المسؤولية.</div>بنجامين گيرhttp://www.blogger.com/profile/01514748224616373407noreply@blogger.com6tag:blogger.com,1999:blog-4506708091640023578.post-27691087183594560842010-04-08T14:25:00.002+02:002010-04-08T16:58:57.759+02:00انتخاب باراك أوباما والتمييز العنصري في أمريكا<div dir="rtl" style="text-align: right;" trbidi="on">يرى بعض المراقبين الأمريكيين أن فوز باراك أوباما في الانتخابات الرئاسية لعام ٢٠٠٨ يبشر بحلول « عصر ما بعد العنصرية » في الولايات المتحدة. غير أن (توماس پيتيگرو) يفند هذه الحجة في مقالته <a href="http://dx.doi.org/10.1017/S1742058X0999018X">Post-Racism? Putting President Obama’s Victory in Perspective</a>، الصادرة في عدد سبتمبر ٢٠٠٩ من مجلة Du Bois Review.<br />
<br />
يشير پيتيگرو إلى أن الكثير من الأمريكيين البيض يتوهمون، منذ الستينات من القرن العشرين، أن حركة الحقوق المدنية ألغت أساس التمييز العنصري في أمريكا، ومن ثم يظنون أن الأمريكيين من أصل أفريقي هم المسؤولون عما قد يتبقى من عدم المساواة. إلا أن آلاف الدراسات العلمية أثبتت أن التمييز العنصري الواعي وغير الواعي لا يزال موجوداً في أذهان الأمريكيين، وأن هذا التمييز يؤثر في السكن والتوظيف والعلاج الطبي وأحكام السلطة القضائية. يؤكد پيتيگرو أن انتخاب أوباما خطوة كبيرة إلى الأمام بالنسبة للأمريكيين من أصل أفريقي، ولكن يجب تفسير هذا الحدث على ضوء الظروف السياسية، بما فيها من عنصرية.<br />
<br />
يذكر المؤلف أن قانون حقوق التصويت لعام ١٩٦٥ مهّد لزيادة كبيرة، على مدى أربعين عاماً، في عدد السود في المناصب التي تشغل بالانتخاب. صحيح أن أوباما استفاد من هذا التمهيد، بالإضافة إلى ذكائه وكاريزماه وحسن تنظيم حملته الاتنخابية، ولكن الحظ ساعده أيضاً طوال حياته السياسية. ومثال ذلك انسحاب اثنين من منافسيه من انتخابات مجلس الشيوخ في عام ٢٠٠٤ بسبب فضائح جنسية، الأمر الذي مكنه من الفوز، مع أنه كان يحتل مركزاً متأخراً في استطلاعات الرأي. وفي الانتخابات الرئاسية، ارتكب منافساه (هيلاري كلينتون) و(جون ماكين) أخطاء فادحة في حملتيهما الانتخابيتين. واستفاد الحزب الديمقراطي بشكل عام من تراجع شعبية الرئيس بوش في نهاية ولايته. ولكن العامل الحاسم قد يكون الأزمة الاقتصادية التي بدأت في عام ٢٠٠٨، خاصة وأن الكثير رأى أن أوباما أكثر قدرة من ماكين على التعامل معها.<br />
<br />
لا عجب أن ٩٥ في المائة من الأمريكيين من أصل أفريقي انتخبوا أوباما، ولكن القارئ قد يدهش إذا علم أن عنصريين كثيرين انتخبوه أيضاً. غير أن في حياة العنصريين هموماً أخرى قد تتغلب على عنصريتهم أحياناً، ويؤكد المؤلف أن هذا ما حدث في حالة الأزمة الاقتصادية. ولعل مما ساعدهم على التغاضي عن لون بشرة أوباما أنه نادراً ما تحدث عن العرق، وأن لون بشرته فاتح نسبياً، وأن أمه كانت بيضاء، وأنه يختلف تماماً عن الصورة النمطية العنصرية للسود. فكان من الممكن أن يعتبره العنصريون رجلاً أسود استثنائياً.<br />
<br />
ساهم ضعف الحزب الجمهوري في فوز أوباما الانتخابي أيضاً، فإقبال الناخبين الجمهوريين على التصويت، وخاصة اليمينيين المتطرفين منهم، كان منخفضاً، بينما نجح الحزب الديمقراطي في جذب أعداد غير مسبوقة من الناخبين الديمقراطيين، وخاصة بين الشباب والأقليات العرقية، إلى مراكز الاقتراع. ومما يفند فرضية « عصر ما بعد العنصرية » تصاعد الاعتداءات العنصرية أثناء الحملة الانتخابية، ومحاولات منافسي أوباما للربط بينه وبين صور نمطية عنصرية. وصوّت كثير من البيض في الولايات الجنوبية (التي يتسم تاريخها بعنصرية شديدة)، وكثير من البيض المسنين، ضد أوباما لأسباب عنصرية. إلا أن التغير الديموغرافي يقلل تدريجياً من العنصرية في الجنوب، مما سمح لأوباما بفوزه في ثلاث ولايات جنوبية.<br />
<br />
يتوقع پيتيگرو أن تُضعِف رئاسة أوباما الصور النمطية العنصرية للسود في أمريكا. ولكن هذا لن يحل المشاكل الهيكلية التي يعاني منها كثير من الأمريكيين من أصل أفريقي، مثل الفقر وسوء التعليم. هذه المشاكل نتيجة مائتي عام من العبودية تلتها مائة عام من الفصل العنصري المقنن، وسيتطلب حلها تغييرات هيكلية قد لا يستطيع أوباما أن يقدم عليها في ولايته الأولى، التي تخيم عليها الأزمة الاقتصادية.</div>بنجامين گيرhttp://www.blogger.com/profile/01514748224616373407noreply@blogger.com12tag:blogger.com,1999:blog-4506708091640023578.post-77269932333727013422010-03-07T11:16:00.004+02:002010-04-05T17:45:24.747+02:00يوم بلا مهاجرين<div dir="rtl" style="text-align: right;" trbidi="on">مَن يستحق الجنسية الأمريكية؟ تحلل (بينيتا هيسكانين) الجدل حول الهجرة إلى أمريكا في مقالتها <a href="http://ejas.revues.org/document7717.html">“A Day Without Immigrants”</a>، المنشورة في ديسمبر ٢٠٠٩ في مجلة <i>European Journal of American Studies</i> والمتاحة للقراءة مجاناً على موقع المجلة.<br />
<br />
تظاهر أكثر من مليون مهاجر في بعض المدن الأمريكية الكبيرة في الأول من مايو عام ٢٠٠٦، تحت شعار « يوم بلا مهاجرين »، احتجاجاً على « قانون حماية الحدود ومكافحة الإرهاب والحد من الهجرة غير الشرعية »، الذي كان مجلس النواب قد وافق عليه في ديسمبر ٢٠٠٥. كان من شأن هذا القانون أن يجعل من الدخول غير الشرعي إلى الولايات المتحدة جناية يعاقب عليها بالسجن، وأن يؤدي إلى عسكرة الحدود الأمريكية المكسيكية وترحيل المهاجرين الذين لا يحملون وثائق والمهاجرين الذين يُعتبرون « إرهابيين ». أحدث مشروع القانون ضجة في أنحاء الولايات المتحدة، لا سيما في أوساط المهاجرين، الذين غضبوا خاصة من الخلط بين المهاجرين والإرهابيين. قال أحدهم: « إذا كنتَ مواطناً ولم تكن توافق على النظام اعتُبرتَ "ليبرالياً"، بينما إذا لم تكن تحمل وثائق ولم تكن توافق على النظام اعتُبرتَ "إرهابياً". »<br />
<br />
اندرجت مظاهرات « يوم بلا مهاجرين » في سلسلة احتجاجات أشارت إلى محنة المهاجرين الذين يعيشون في أمريكا دون أن يحملوا الجنسية الأمريكية. كان هناك ٣٧ مليون مهاجر شرعي في الولايات المتحدة آنذاك (ومعظمهم من أمريكا اللاتينية وآسيا ومنطقة البحر الكاريبي)، بينما كان ١٠-١٢ مليون مهاجر (أي ٤ في المئة من سكان البلد) يعملون دون تصريح عمل. غير أن المظاهرات كانت لها عواقب غير مقصودة أيضاً. فالمناقشات الحادة التي دارت حول هذه القضية كثيراً ما صورتها على أنها صراع بين مجموعات عرقية تتنازع حق البقاء في أمريكا.<br />
<br />
تشير (هيسكانين) إلى أن العرق مفهوم محوري في تعريف الأمة الأمريكية منذ تأسيس الولايات المتحدة. منح قانون التجنيس لعام ١٧٩٠ المهاجرين « الأحرار البيض » وحدهم الجنسية الأمريكية، ومن ثم ربط بين « البياض » وبين الانتماء إلى الأمة الأمريكية. ورغم أن تعديل الدستور لعام ١٨٦٨ منح الأمريكيين من أصل أفريقي الجنسية الأمريكية، إلا أن الفصل العنصري بين « البيض » و« السود » ظل شرعياً حتى عام ١٩٥٤. ألغى قانون الهجرة لعام ١٩٥٢ الأساس العنصري للتجنيس، ولكن الصلة بين « البياض » والانتماء القومي ظلت راسخة في الأذهان. أما المهاجرون من أمريكا اللاتينية (« اللاتينيون ») فليس لهم موقعاً محدداً في التراتب العرقي الأمريكي، لأنهم لا يُعتبرون بيضاً ولا سوداً. ورحبت الحكومة الأمريكية بهم تارة ورحّلتهم تارة خلال القرن العشرين، وفقاً للطلب على العمالة.<br />
<br />
ثم تصف المؤلفة مظاهرات « يوم بلا مهاجرين ». آلى المتظاهرون على أنفسهم أن يمتنعوا عن العمل والذهاب إلى المدرسة وشراء السلع الاستهلاكية لمدة ٢٤ ساعة. تضامن بعض أرباب العمل مع المحتجين بينما هدد البعض الآخر عمالهم بالفصل إذا شاركوا في الإضراب. شبّه قادة الاحتجاجات مظاهرات المهاجرين بالمظاهرات المشهورة التي كان الأمريكيون من أصل أفريقي قد قادوها في الستينات من أجل الحقوق المدنية، أي إلغاء التمييز العنصري. وطالب المحتجون بتسوية الوضع القانوني للعمال الذين لا يحملون وثائق. تعتمد الخدمات الأساسية في بعض المدن على هؤلاء العمال، فأحدث الإضراب الفوضى في هذه المدن، الأمر الذي نبّهت سكانها إلى أهمية هؤلاء العمال في حياتهم اليومية. وأشار أنصار حقوق المهاجرين إلى التناقض بين حاجات الاقتصاد الأمريكي وبين سياسة الهجرة، إذ كان هناك ٥٠٠ ألف فرصة عمل للعمالة غير الماهرة في كل سنة في الولايات المتحدة، بينما كان الحد الأقصى لعدد التأشيرات لهذا النوع من العمالة ٥ آلاف. تؤكد (هيسكانين) أيضاً أن السياسة الاقتصادية الأمريكية في أمريكا اللاتينية زادت من عدد المهاجرين المكسيكيين المتجهين إلى الولايات المتحدة. فاتفاق التجارة الحرة لأمريكا الشمالية، الذي صدر في عام ١٩٩٤، أسفر عن انخفاض حاد للأجور في المكسيك، وتعطيل مليون مكسيكي في عام ١٩٩٥، مما دفعهم إلى الهجرة إلى الشمال.<br />
<br />
أما خصوم المظاهرات فرأوا أن المسألة في أساسها مسألة قانونية، أي ضرورة إيقاف التعدي غير الشرعي لحدود البلد. وعزوا الاحتجاجات إلى منظمات شيوعية (وكانت الشيوعية فزاعة اليمين الأمريكي في أيام الحرب الباردة)، واعتبروا المظاهرات بمثابة « ضربة ضد أمريكا »، أو مؤامرة مكسيكية لاحتلال جنوب غرب الولايات المتحدة. أشار أحدهم إلى ارتفاع معدل مواليد اللاتينيين فشبّههم بـ« البكتيريا » التي تتناسل بسرعة، وقال إن من شأن ذلك أن يمكّنهم من « الاستيلاء على السلطة » في الولايات المتحدة. مع ذلك فمجلس الشيوخ رفض مشروع القانون الذي كان قد أثار الاحتجاجات، وما زالت المسألة معلقة حتى الآن. يسعى المعادون للهجرة، منذ عام ٢٠٠٦، إلى تأليب الأمريكيين من أصل أفريقي على اللاتينيين، فيقولون إن اللاتينيين « يسرقون » وظائف ينبغي أن يحصل عليها الأمريكيون من أصل أفريقي. ولكن حركة مضادة ما لبثت أن نشأت لحث هاتين المجموعتين العرقيتين على التصالح والتعاون.<br />
<br />
تزايد العداء للمهاجرين بعد مظاهرات مايو ٢٠٠٦، خاصة مع انكماش الاقتصاد الأمريكي، فزادت السلطات من جهودها الرامية إلى ترحيل المهاجرين غير الشرعيين. أصدرت ولاية (كولورادو) قانوناً يجبر أفراد الشرطة على التبليغ لدائرة الهجرة عن أي شخص سمعوه يتحدث بالأسبانية. اقتحمت الشرطة مصانع في جنوب غرب أمريكا فقبضت على مهاجرين غير شرعيين ورحّلتهم فوراً دون أطفالهم. تكاثرت المنظمات المعادية للهجرة، وتعززت الجماعات العنصرية، وازدادت الاعتداءات على اللاتينيين. وتشير (هيسكانين) إلى أن العداء للمهاجرين يقيّم الهجرة دائماً من وجهة نظر مواطنين يدّعون مناقشة المسألة من حيث « مصلحة الأمة ».<br />
<br />
هكذا أدت مظاهرات « يوم بلا مهاجرين » إلى تعزيز العلاقات بين المجموعات العرقية من ناحية، وإلى اشتداد العنصرية وكره الأجانب من ناحية أخرى. ترى المؤلفة، التي كتبت مقالتها خلال حملة الانتخابات الرئاسية في عام ٢٠٠٨، أن المفهوم الشائع لـ« الهوية الأمريكية » ربما أصبح أقل ثباتاً منذ عدة سنوات، وأن علاقته بالعرق ربما تتغير، ولكن يجب أن ننتظر المحاولة المقبلة للكونگرس الأمريكي لمعالجة مسألة الهجرة لكي نقدّر مدى هذا التغير.</div>بنجامين گيرhttp://www.blogger.com/profile/01514748224616373407noreply@blogger.com5tag:blogger.com,1999:blog-4506708091640023578.post-25685587504887385122010-02-11T20:25:00.003+02:002010-04-05T17:43:47.981+02:00الحد من قوة الشعبوية<div dir="rtl" style="text-align: right;" trbidi="on">كيف يمكن الحد من السلطة التي تتيحها الشعبوية (populism) لبعض القادة السياسيين؟ يجيب (روبن ماكايكو تشيرامبو) على هذا السؤال في مقالته <a href="http://hup.sub.uni-hamburg.de/giga/afsp/article/view/125">Democracy as a Limiting Factor for Politicised Cultural Populism in Malawi</a>، المنشورة في العدد الثاني لعام ٢٠٠٩ من مجلة <i>Africa Spectrum</i> والمتاحة للتنزيل مجاناً. يشير (تشيرامبو) أولاً إلى أن المعنى العادي لكلمة « شعبوية » يدل على سياسة تعبر عن آراء عامة الناس ومصالحهم، بينما تلمّح هذه الكلمة، في العلوم السياسية، إلى محاولات اكتساب تأييد عامة الناس بوسائل دنيئة أو بالتضليل. فتطرح الكلمة أسئلة عن صدق الساسة ونزاهتهم، وتلمّح إلى استغلالهم لأتباعهم. وهذا المعنى السلبي هو ما يقصده (تشيرامبو) بكلمة « شعبوية » في هذه المقالة.<br />
<br />
يذكر المؤلف أن الدكتور (هيستينگز كاموزو باندا) كان رئيس (ملاوي) مدى الحياة، في ظل نظام ديكتاتوري معتمد على حكم الحزب الواحد، منذ استقلال البلد في عام ١٩٦٤ حتى تأسيس الديمقراطية في عام ١٩٩٤. سيطرت هذه الديكتاتورية على السكان بوسائل قمعية، مثل الاعتقال دون محاكمة، والرقابة الصارمة على والصحافة. ويقال إن ميليشيات (باندا) كانت تعتقل أو تقتل أي شخص شكت في ولائه للزعيم. ولكن النظام سعى أيضاً إلى الحصول على موافقة جزء كبير من السكان على حكمه. فاستعان (باندا) برموز ثقافية، مثل الألقاب الفخرية التراثية والقومية والدينية التي أطلقها على نفسه لشرعنة زعامته: « الأسد »، و« الغازي »، و« الحامي الموفِّر »، و« أبو الأمة الملاويية »، و« موسى »، و« المنقذ »، إلخ. وساعده وسائل الإعلام في ذلك، فكانت إذاعة القطاع العام تبث أغانياً تمدحه وتصفه بهذه الألقاب، خاصة في المناسبات الرسمية الرامية إلى تكريمه. كانت هذه المناسبات تتضمن رقصاً تقليدياً كان الرئيس يشارك فيه، ليمثّل الأدوار التي تدل عليها الألقاب.<br />
<br />
يؤكد (تشيرامبو) أن معظم الزعماء الأفارقة الذين قادوا بلادهم إلى الاستقلال استخدموا هذا النوع من السياسة الشعبوية. فرغم أنهم تبنوا الديكتاتورية القائمة على حكم الحزب الواحد، إلا أنهم استعانوا برموز وممارسات ثقافية لشرعنة أنظمتهم أيضاً. فتشبّهوا مثلاً بأبطال الماضي وادّعوا أنهم خلفاؤهم. وادّعى (باندا)، كغيره من هؤلاء، أنه يحافظ على الثقافة القومية وهو في الحقيقة يجعل من ثقافته العرقية ثقافة قومية، ويقمع الثقافات الأخرى في بلده. ظهرت انتقادات لشعبوية (باندا) أثناء التحول الديمقراطي، فأصبحت الألقاب الفخرية التي كانت قد أضفت عليه صورة المحارب الشجاع، مثل « الأسد »، تُعتبر أدوات كانت قد ساهمت في تبرير اعتقاله أو إعدامه لأبرياء دون محاكمة. وأصبحت الأغاني السياسية التي كانت قد حضت على مدحه وعبادته تُستخدم لتأنيبه ولرفض مشروعية حكمه.<br />
<br />
غير أن الشعبوية الثقافية لا تزال مفيدة في ظل الديمقراطية. فالفساد السياسي متفشٍ في الانتخابات، فلا تكفي لشرعنة الزعماء. لذلك لا تزال الأنظمة تحاول استعمال الشعبوية الثقافية لتعزيز مشروعيتها. فأطلق الرئيس الحالي (بينگو وا موثاريكا) على نفسه بعض الألقاب الفخرية التي كان (باندا) قد استخدمها، ولا يزال يستعين بالرقص التقليدي في المناسبات الرسمية. ولكن المؤلف يؤكد أن آليات الديمقراطية تحد من فاعلية شعبوية (بينگو)، لأنه لا يتمكن من التصرف في الأموال العامة ووسائل الإعلام لتعزيز صورته، ولا من استخدام وسائل القمع التي كان (باندا) يلجأ إليها ليجبر الناس على الولاء لشخصه. علاوة على ذلك فبإمكان المواطنين، في ظل النظام الديمقراطي، أن ينتقدوا الرئيس ويسخروا منه، ومن أدوات الشعبوية الثقافية مثل الألقاب الفخرية، مما يقلل من فاعلية هذه الأدوات. وبشكل عام فإن سنوات الديكتاتورية الطويلة جعلت كثيراً من الناس، وخاصة الصحافيين، يشككون في الشعبوية في حد ذاتها، فيرون أنها ليست إلا قناعاً يخفي الفساد السياسي والاستغلال.</div>بنجامين گيرhttp://www.blogger.com/profile/01514748224616373407noreply@blogger.com5tag:blogger.com,1999:blog-4506708091640023578.post-17168784648739764932010-01-19T15:29:00.005+02:002010-01-20T10:57:59.083+02:00الحلم الأفريقي وتصاعد العنف العنصري في روسيا<div dir="rtl" style="text-align: right;" trbidi="on">تعصف موجة من الكراهية العنصرية بالأفارقة في روسيا. ويفحص (ماكسيم ماتوسيفيتش) جذور هذه الكراهية في مقالته <a href="http://scholarworks.iu.edu/journals/index.php/aeer/article/view/166/259">Probing the Limits of Internationalism: African Students Confront Soviet Ritual</a>، المنشورة في عدد خريف ٢٠٠٩ من مجلة <i><a href="http://scholarworks.iu.edu/journals/index.php/aeer/index">Anthropology of East Europe Review</a></i> والمتاحة للتنزيل مجاناً.<br />
<br />
اتجهت أعداد متزايدة من الشباب الأفارقة إلى الاتحاد السوفييتي للدراسة في الستينات من القرن العشرين. سعى الاتحاد السوفييتي إلى اجتذاب الطلاب الأفارقة لتعزيز مكانته وشعبيته في العالم الثالث في فترة إنهاء الاستعمار، في ظل حكم نيكيتا خروشوف الذي تولى السلطة في عام ١٩٥٣ بعد موت جوزيف ستالين. وتعارضت هذه السياسة الجديدة مع الشوفينية المتشددة التي كانت قد اتسمت بها السنوات الأخيرة لحكم ستالين. فذهب أكثر من ٣٠ ألف شاب من أنحاء العالم إلى موسكو لحضور المهرجان الدولي للشباب في عام ١٩٥٧، ومنهم وفود أفريقية، الأمر الذي بهر المواطنين السوفييت، الذين لم تسنح لهم فرصة لقاء أحد من أفريقيا قط. ترددت شائعات بأن الفتيات الروسيات كن يقبلن على الضيوف الأفارقة. وأتى هؤلاء الضيوف بالأنواع الفنية والأفكار السياسية المعاصرة التي كان السوفييت منعزلين عنها آنذاك. ارتفع عدد الطلاب الأفارقة في الاتحاد السوفييتي إلى ٥ آلاف في نهاية الستينات، وإلى ٣٠ ألف في عام ١٩٩٠. ولم يكن معظمهم ملتزمين بالماركسية، بل كانوا يميلون إلى انتقاد النظام السوفييتي الراكد، خاصة وأن كثيراً منهم أتوا من بلاد تفيض بالنشاط السياسي والحماسة الثورية.<br />
<br />
اشتكى الطلاب الأفارقة من سوء أوضاعهم المعيشية، والاعتداءات العنصرية التي تعرضوا لها، بالإضافة إلى القيود المفروضة على السفر داخل الاتحاد السوفييتي، وعلى إقامة العلاقات العاطفية بالفتيات الروسيات، وعلى تشكيل المنظمات الطلابية الوطنية والعرقية، وعلى تداول الكتب والأسطوانات الموسيقية. فقاموا بمسيرة احتجاج أمام الكرملين في عام ١٩٦٣ مطالبين بـ« وثيقة حقوق » للطلاب الأفارقة، وكانت هذه أول مظاهرة غير مصرح بها في الاتحاد السوفييتي منذ ٣٦ عاماً. وعانوا بشكل عام من ملل الحياة السوفييتية وكبت الحريات الثقافية والسياسية التي كانوا قد تعودوا عليها في أفريقيا. فاعترضوا على الوضع الراهن في حين كان مواطنون سوفييت أقلاء يجرؤون على ذلك، فاستقطبوا المعارضين. واستحسن هؤلاء المعارضون الأنواع الفنية المرتبطة بالتراث الأفريقي، مثل موسيقى الجاز، مما أثار غضب السلطات، التي هاجمت الجاز بأبشع نوع من الصور النمطية العنصرية. فتبنّى المعارضون فكرة أفريقيا رمزاً للمعارضة، خاصة في الثمانينات، قُبيل انهيار النظام السوفييتي.<br />
<br />
ولكن البيريسترويكا، أي الإصلاحات الاقتصادية التي أطلقها الرئيس السوفييتي ميخائيل غورباتشوف بعد منتصف الثمانينات، أدت إلى انتقاد مساعدة الاتحاد السوفييتي لدول العالم الثالث. فقال أنصار البيريسترويكا أن هذه الدول كانت تتطفل على الاتحاد السوفييتي، وأن هذا هو سبب التخلف الاقتصادي السوفييتي. واستندت هذه الحجة على صور نمطية لأفريقيا كانت معتمدة على الاعتقاد الخاطئ بأن الحياة هناك سهلة لا عمل فيها. ازداد عدد الاعتداءات العنصرية على الطلاب الأفارقة. وعندما تفشى الخوف من الإيدز لدى السوفييت، دأبت الصحافة على نشر معلومات غير علمية تحمّل الأفارقة مسؤولية انتشار المرض. سرعان ما أصبح الأفارقة كبش فداء للمشاكل الطبية والاقتصادية والسياسية السوفييتية. ومهّد هذا لانسحاب الاتحاد السوفييتي من أفريقيا ولموجة العنصرية وكره الأجانب التي انطلقت في روسيا بعد انهيار الاتحاد السوفييتي.<br />
</div>بنجامين گيرhttp://www.blogger.com/profile/01514748224616373407noreply@blogger.com4tag:blogger.com,1999:blog-4506708091640023578.post-32423117302719547022009-12-15T11:43:00.004+02:002010-03-11T08:40:14.315+02:00اعتبار الجنسية نوعاً من رأس المال<div dir="rtl" style="text-align: right;" trbidi="on">لماذا لا يحصل كثير من المهاجرين إلى البلدان الغنية على الوظائف التي هم أهل لها؟ من المعروف أنهم عرضة للتمييز والاستغلال، ولكن ما هو السبب؟ يفسر (هارالد باودر) هذه الظاهرة في مقالته <a href="http://www.atypon-link.com/LRP/doi/abs/10.5555/alte.2008.33.3.315">Citizenship as Capital: The Distinction of Migrant Labor</a>، المنشورة في عدد يوليو-سبتمبر ٢٠٠٨ من مجلة <i>Alternatives: Global, Local, Political</i>.<br />
<br />
يعتمد تحليل (باودر) على نظرية (بيير بورديو) الاجتماعية. ويذكر أن هذه النظرية تقسم رأس المال إلى أنواع مختلفة، مثل الاقتصادي والثقافي والاجتماعي والرمزي. من لديه رأسمال من نوع معين يمكنه أن يحوله إلى نوع آخر في ظل ظروف معينة. ويستخدم الأفراد كل أنواع رأس المال في استراتيجيات للتميز عن غيرهم. من ثم يساهم رأس المال في آليات الإدماج والإقصاء الاجتماعييْن وفي الحفاظ على النظام الاجتماعي.<br />
<br />
يذكر المؤلف أيضاً أن الرأسمال الثقافي قد يأخذ شكلاً مجسداً، فيعبر عنه جسد المرء من خلال تعابير وجهه وأسلوبه في الحديث أو في تناول الأكل، على سبيل المثال. وقد يأخذ شكلاً مؤسسياً أيضاً، فيتحول إلى شهادات جامعية، ثم إلى فرص عمل وبالتالي إلى ورأسمال اقتصادي. وتختلف وسائل إنتاج رأس المال، ووسائل تبادله وتقدير قيمته، من مكان إلى مكان، وبالتالي فالرأسمال الذي كسبه المهاجر في منشئه قد لا يكون له قيمة في البلد الذي هاجر إليه. وعلى سبيل المثال فالمهاجر الذي ليس لديه الرأسمال الثقافي المطلوب في سوق العمل، سواء في شكله المجسد أو المؤسسي (إذا لم تعترف الدولة بشهاداته الأجنبية مثلاً) قد يتعرض للاستبعاد من الوظائف المرموقة. وعلاوة على ذلك فإن سكان البلد الذي هاجر إليه قد يتعمدون التميز عنه من خلال خلق أنواع من رأس المال يصعب عليه منالها. ويؤكد (باودر) أن الجنسية أحد هذه الأنواع من رأس المال.<br />
<br />
ثم يقسم الجنسية إلى نوعين: الرسمية وغير الرسمية. أما الجنسية الرسمية فهي التي يتم تسجيلها في جواز السفر مثلاً، على أساس مبادئ تختلف من دولة إلى دولة على حسب مصالح نخبها. فتحدد بعض الدول، مثل كندا، الجنسية وفقاً لمبدأ مسقط الرأس، فيما تحددها دول أخرى، مثل ألمانيا قبل سنة ٢٠٠٠، وفقاً لمبدأ النسب. فكانت ألمانيا تمنح أي مهاجر الجنسية الألماينة إذا كان منحدراً من ألمان، حتى لو كان أسلافه قد غابوا عن ألمانيا لمدة مئات السنين، بينما كانت تمنع المهاجرين الآخرين، وحتى أطفالهم المولودين في ألمانيا، من الحصول على الجنسية الألماينة. ثم تبنّى قانونُ الجنسية الألماني الجديد، الصادر في عام ١٩٩٩، مبدأ مسقط الرأس إلى حد ما.<br />
<br />
قد يستخدم المهاجرون أنفسهم الجنسية في استراتيجيات للتميز. ومثال ذلك العائلات الغنية التي هاجرت من شرق آسيا إلى كندا وحصلت على الجنسية الكندية مقابل استثمار قدره ٤٠٠ ألف دولار كندي أو تأسيس شركة في كندا. قد يتحول تعدد الجنسيات إلى أنواع أخرى من رأس المال، مثل الرأسمال الاقتصادي (من خلال اتساع فرص التعامل التجاري) والرأسمال الاجتماعي (من خلال تكوين علاقات شخصية ومهنية في أكثر من بلد) والرأسمال الثقافي (من خلال تعلم لغات وفرص للدراسة). وقد ترمي استراتيجيات الدول واستراتيجيات المهاجرين إلى أهداف متعارضة. حصل مهاجرون لبنانيون كثيرون على الجنسية الكندية في العقود الأخيرة لأنها وفرت لهم قدراً من الحماية السياسية عند عودتهم إلى لبنان. وأخلت الحكومة الكندية ١٥ ألف كندي لبناني من لبنان في أعقاب الغزو الإسرائيلي في عام ٢٠٠٦، مما أثار السخط لدى كنديين كثيرين رأوا أن هؤلاء يريدون « مزايا الجنسية الكندية دون حمل أثقالها ».<br />
<br />
ولكن الجنسية الرسمية تمثل في الغالب آلية تستبعد المهاجرين من سوق العمل أو تضعهم في مرتبة دنيا فيها. لا تعترف ألمانيا بالشهادات الأجنبية للمهاجرين إلا إذا كانوا من أصل ألماني، وتحدد حقهم في الحصول على تصريح عمل على حسب جواز سفرهم. وتستعين ألمانيا منذ زمن طويل بعمالة أجنبية مؤقتة لا تحظى بحرية اختيار المهنة أو صاحب العمل، وتتقاضى أجوراً أدنى من المعايير الألمانية، ولا تحصل على الرعاية الاجتماعية والاقتصادية المتاحة للعمال الألمان. كما تحرم كندا المهاجرين الذين ليس لهم وضع قانوني من الرعاية الاجتماعية والصحية، على الرغم من أن كثيراً منهم يدفعون الضرائب. وإذا تعذر للمهاجر الدخول إلى الاقتصاد الرسمي لأنه ليس مواطناً، فقد يُضطر إلى العمل في الاقتصاد غير الرسمي، حيث لا يخضع العمل للقوانين، وبالتالي فالأجور منخفضة والتعسف منتشر.<br />
<br />
أما الجنسية غير الرسمية فهي التصنيف القومي الذي ينتمي إليه المرء أو الذي ينسبه إليه الآخرون، مهما كانت جنسيته الرسمية. وتساهم الجنسية غير الرسمية في التمييز ضد المهاجرين، فإنهم قد لا يُعتبرون من أبناء الوطن حتى لو كانوا مواطنين. قد يكون هذا التمييز عنصرياً، وقد يتم أيضاً على أسس غير عنصرية، إذا لم يتمكن المهاجر من بعض العادات المحلية، أو تحدّث بلكنة. يدخل هذا في باب ما يسميه (بورديو) التطبع، أي استعدادات المرء ومخططاته المعرفية، التي تنعكس على حديثه وحركات جسده.<br />
<br />
يؤكد المؤلف أن التمييز على أساس الجنسية غير الرسمية يحد من فرص عمل المهاجرين. وعلى سبيل المثال فإن موظفي وكالات التوظيف في كندا يوجهون المهاجرين من شرق آسيا إلى وظائف متدنية الأجر، ويخصصون المناصب المرموقة لمن يجسدون الصورة النمطية للانتماء القومي الكندي. وتنعكس آليات التمييز على الإعلام، فتعتمد تغطية الإعلام الكندي للعمل الزراعي الموسمي على فكرة أن هذا العمل أكثر الخطورة وإجهاداً وإهانة من أن يجوز قيام العمال الكنديين به، وأنه يجوز مع ذلك أن يقوم به مهاجرون من المكسيك ومنطقة البحر الكاريبي.<br />
<br />
ويقول (باودر) في خاتمة المقالة إن اعتبار الجنسية نوعاً من رأس المال يسهّل تفسير إحجام الدول الغنية عن تجنيس المهاجرين، وحرصها على الاستعانة بعمال أجانب مؤقتين بشكل دائم. إن حرمان المهاجرين من الجنسية الرسمية أو غير الرسمية يجبرهم على قبول أجور لا تتناسب مع العمل الذي يقدمه لاقتصادات البلدان الصناعية. فتساهم الجنسية في الحفاظ على الامتيازات الاقتصادية التي تتمتع بها الدول الغنية.</div>بنجامين گيرhttp://www.blogger.com/profile/01514748224616373407noreply@blogger.com7tag:blogger.com,1999:blog-4506708091640023578.post-91439311857468291442009-11-24T18:57:00.013+02:002009-11-26T01:16:59.987+02:00الزواج بين لبنانيين وفلسطينيين<div dir="rtl" style="text-align: right;" trbidi="on">كيف تحافظ مجموعة قومية على حدودها؟ يقدم (دانيال ماير) هذه المسألة في مقالته <a href="http://www.conflits.org/index17347.html">Mariages sur la frontière du groupe national: Normalité et transgressions dans les unions matrimoniales libano-palestiniennes au Liban</a> المنشورة في عدد شتاء عام ٢٠٠٨ من مجلة <i>Cultures & Conflits</i> والمتاحة للقراءة مجاناً على موقع المجلة.<br />
<br />
يذكر (ماير) أن سياسة الدولة اللبنانية تجاه اللاجئين الفلسطينيين من أكثر السياسات تمييزاً في العالم العربي. فالدولة لا تعترف بأنهم لاجئون أصلاً وإنما تعتبرهم مجرد « أجانب ». وقد أنشأ القادة السياسيون اللبنانيون ما هو بمثابة حدود قانونية بين المواطنين اللبنانيين واللاجئين الفلسطينيين في أعقاب الحرب الأهلية (١٩٧٥-١٩٩٠). ويؤكد المؤلف أن جزءاً كبيراً من الانتماء القومي اللبناني أصبح يعتمد على احتقار اللاجئين الفلسطينيين، الذين تم تحميلهم مسؤولية الحرب. ويرى (ماير) أن دراسة الزواج بين أعضاء مجموعتين قوميتين قد تلقي الضوء على الطرق التي يتم بها تحديد الحدود الرمزية بين المجموعتين. قد يتجاوز الأفراد هذه الحدود ولكن بشروط. فيُعتبر الزواج بين لبنانيين وفلسطينيين مشلكة في حالات معينة بينما يُعتبر عادياً في حالات أخرى.<br />
<br />
يقدم المؤلف عدة بيانات أساسية عن الموضوع، وأهم العوامل التي قد تسهّل هذه الزيجات أو تحول دونها، وفقاً لنتائج بحثه الميداني. يذكر أن الزواج في لبنان ليس اتفاقاً بين فردين فحسب، بل يعبر عن التزام وتقدير متبادليْن بين عائلتين. ويصعب الزواج بشكل عام بين عائلتين لا تنتميان إلى نفس الطائفة أو بين عائلة لبنانية وعائلة أجنبية. وليس هناك زواج مدني في لبنان فيخضع الزواج لقانون الأحوال الشخصية الخاص بكل من الطوائف الثماني عشرة. لذلك فإن الزواج بين امرأة مسلمة ورجل غير مسلم ممنوع، على سبيل المثال. وليس من حق امرأة لبنانية أن تعطي أبناءها جنسيتها إذا كان أبوهم أجنبياً، حتى ولو وُلدوا في لبنان، مما يمنعهم من العمل في بعض المهن. وعلاوة على ذلك فإن المرأة الفلسطينية التي تتزوج لبنانياً تحصل على إقامة لبنانية فوراً، ثم الجنسية اللبنانية بعد عام من الزواج، بينما الرجل الفلسطيني الذي يتزوج لبنانية لا يحصل على إقامة ويظل لاجئاً. ويحدث الزواج بين لبنانيين وفلسطينيين خاصة بين مسلمين، فإن تجنيس الفلسطينيين المسيحيين في لبنان تم بشكل جماعي في الخمسينيات.<br />
<br />
ويؤكد (ماير) مع ذلك أن المتغير الطائفي ليس أهم المتغيرات التي تتحكم في احتمال هذه الزيجات، فإنه يبدو أن المتغير الجغرافي أهم. وذلك أولاً لأن معظم هذه الزيجات تتم في جنوب لبنان، حيث استقر معظم الفلسطينيين الذين لجؤوا إلى لبنان بعد تهجيرهم من فلسطين في عام ١٩٤٨. كما تتم خاصة خارج المخيمات الفلسطينية. ويذكر المؤلف أن نصف اللاجئين الفلسطينيين تقريباً في لبنان يسكنون خارج المخيمات. وثانياً فإن القرب الاجتماعي المرتبط بالقرب الجغرافي بين عائلات تسكن في نفس الأحياء، هو أحد أهم العوامل التي تسهّل الزواج فيما بين المجموعتين، حتى وإن كان اللبنانيون من الشيعة والفلسطينيون من السنة. أضف إلى ذلك متغيراً زمنياً، فكلما كان الفلسطيون أقوياء في لبنان بشكل عام (خاصة في أوائل السبعينيات)، كلما سهل الزواج بينهم وبين اللبنانيين.<br />
<br />
ثم يقسم الباحث الزيجات بين المجموعتين إلى ثلاثة تصنيفات. إن التصنيف الأول يحتوي على الزيجات التي لا تُعتبر اختراقاً للأعراف الاجتماعية فلا تسبب صراعاً في العائلات التي تشارك فيها، حتى ولو كان الزوج والزوجة من طائفتين مختلفتين. ويتم الزواج بهذه السهولة خاصة بفضل المجاورة وبين عائلات ذات الدخل المنخفض. وفي التصنيف الثاني نجد الزيجات التي تخالف الأعراف ولا تتم إلا بعد فترة تفاوض بين العائلتين. ويؤكد (ماير) أنها تحدث خاصة بين عائلتين من طائفتين مختلفتين. وفي التصنيف الثالث الزيجات التي تُعتبر اختراقاً خطيراً للأعراف فتؤدي إلى قطيعة، وتتم أحياناً بفضل خطف البنت. ويؤكد المؤلف على أن ليس هناك فرق موضوعي بين الاختراق في هذا التنصيف والاختراق في التصنيف السابق، وإنما الفرق يكمن في رؤية العائلات إلى الموقف. ويشير إلى أن الاعتراض على الزواج يأتي غالباً من جانب العائلة اللبنانية. وتبقى الزيجات التي لا تتم، والتي لا نكاد نعرف عنها شيئاً، بين أفراد لا يستطيعون التغلب على اعتراضات عائلاتهم.<br />
</div>بنجامين گيرhttp://www.blogger.com/profile/01514748224616373407noreply@blogger.com6tag:blogger.com,1999:blog-4506708091640023578.post-3395108159407052172009-11-12T11:35:00.010+02:002014-02-03T11:39:10.918+02:00العلم الإسلامي وصنع النهضة الأوروبية<div dir="rtl" style="text-align: right;" trbidi="on">
هذه هي ترجمة لـ<a href="http://www.rorotoko.com/index.php/article/george_saliba_book_interview_islamic_science_making_european_renaissance/">حوار مع جورج صليبا</a> نُشر على موقع (روروتوكو) حول كتابه <a href="http://mitpress.mit.edu/catalog/item/default.asp?ttype=2&tid=11169" style="font-style: italic;">Islamic Science and the Making of the European Renaissance</a>، الذي صدر عام ٢٠٠٧:<br />
<blockquote>
<span style="font-weight: bold;">باختصار</span><br />
<br />
بدأ هذا الكتاب منذ ما يقارب عشرة أعوام. في البداية، كنت أريد أن أعرف ما هي الظروف التي يمكن فيها لحضارة ما أن تنتج العلم من جديد.<br />
<br />
درست في الماضي الساميات القديمة والرياضيات، ولكني كنت مهتماً دائماً بتلك الإشاعات التي يعرفها القارئ غير المتخصص، أي أن الاختراع الكبير للعلم كان في الحقيقة مشروعاً يونانياً، وأن كل ما سواه هو إما ظل لما صنعته الحضارة اليونانية القديمة أو امتداد له.<br />
<br />
ويمتص المرء تلك الأفكار النمطية في الصبا فيعتبرها عادية. ولكني كنت قد درست الرياضيات، وبدأت أقرأ شيئاً من الأبحاث العلمية التي كانت قد كُتبت في الحضارة الإسلامية، فازددت حباً للاطّلاع. ومن هذا المنطلق لاحظت أن بعض هذا العلم لم يكن مجرد ظل للمشروع اليوناني، وإنما كان كأنه إعادة تركيز للضوء، أو رؤية جديدة لم يكن يعرفها اليونانيون.<br />
<br />
وبدأت أتساءل أيضاً عن حقيقة يعرفها كثير ممن يدرس التاريخ ومن القراء غير المتخصصين، أي أن فترة فوران مدهش جاءت في عصر الحضارة اليونانية القديمة، من القرن الرابع قبل الميلاد إلى القرن الثاني بعد الميلاد تقريباً. اتفق أن كل العظماء الذين تخطر أسماؤهم على بالنا، في كل المجالات، عاشوا في هذه الفترة، مثل أفلاطون وأرسطو وكلاوديوس بطليموس وإقليدس وديوفانطوس وجالينوس ودياسقوريدوس. وانتهى كل شيء بحلول القرن الثاني. ثم لم يحدث شيء. وفجأة، في القرن التاسع، نسمع عن خلفاء بغداد المتحمسين الذين حفزوا على أشياء كثيرة، وترجموا أشياء كثيرة، واستوعبوا كل الأعمال اليونانية.<br />
<br />
إن كل ذلك يبدو لي كأنه غير تاريخي تماماً. إن السياسيين الذين أعرفهم أو أقرأ عنهم لا يفعلون ذلك عادة. لماذا كان حكام بغداد ليكونوا أحكم من سياسيي يومنا هذا؟ كنت أريد أن أعرف ماذا أثار ذلك الاهتمام بالعلم اليوناني، بعد مرور سبعمائة سنة. ما هي الدوافع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والشخصية للعلماء الذين صنعوا هذا العلم الحديث؟<br />
<br />
<span style="font-weight: bold;">من زاوية واسعة</span><br />
<br />
يقدم الفصلان الأولان من الكتاب قراءة جديدة تماماً لهذه الفترة. لا أعتقد أن الأحداث تحدث دون سبب، أو أن خليفة واحداً أو شخصاً واحداً يستطيع أن يحيي ثقافة بكاملها. لا تتشكل الثقافات بهذه الطريقة.<br />
<br />
إن تعريف الثقافة الإسلامية لنفسها كإسلامية كان شيئاً جديداً. كانت هذه أول مرة قام فيها دين بإنشاء كيان سياسي وبتعريف نفسه تعريفاً سياسياً. وبدأت بيئة ذات طابع سياسي وديني، ألهمها القرآن وحياة النبي، تحدد الثقافة. يتكلم النبي عن نفسه على أنه امتداد لاتجاهات النبوءة المعروفة من العهدين القديم والجديد. يعتبر رسالته إكمالاً وليس تمرداً.<br />
<br />
كانت الإمبراطورية الإسلامية في أوجها أكبر إمبراطورية كانت الحضارة البشرية قد شهدتها حتى ذلك الوقت. كان توسعها الجغرافي هائلاً. وورثت إمبراطوريتين سابقتين، وهما الإمبراطورية الرومانية ، والإمبراطورية الساسانية.<br />
<br />
إن إدارة إمبراطورية ليست بالأمر الهيّن. فضلا عن أنّ هذه امبراطورية كانت تعاني من مشاكل جوهرية. فمن ناحية كان يجب أن تحترم الأخلاق التي كان الوحي الديني قد أتى بها، والسياق الديني للحياة، ومن ناحية أخرى كان يجب أن تتصرف كل يوم لتسن النظام السياسي.<br />
<br />
تحمّل إدارةُ إمبراطوريةٍ الحاكم مسؤولية رفاهية رعيته، والاقتصاد، والدفاع، والصحة العامة. فأدركتُ الصعوبة الكبيرة التي كانت تواجه الخليفة. هل كان يمكن أن تسنح له فرصة التفكير، فجأة، في نص يوناني قديم كان ليحلو له أن يترجمه؟ بالطبع لا. ولكن هذا هو الإدراك الذي دلّني على كيفية قراءة النصوص التي سُجل فيها تاريخ تلك الإمبراطورية.<br />
<br />
وعندما تنظر إلى الظروف الاجتماعية والاقتصادية، في الحياة اليومية، يتبين أنه كان هناك حاجة ماسة إلى المواءمة بين إدارتي الإمبراطوريتين السابقتين. بل وإنهما كانتا تتكلمان لغتين مختلفتين لم تكن أية منهما العربية. فالإمبراطورية البيزنطية كانت تسيّر أعمالها باليونانية بينما الإمبراطورية الساسانية كانت تستخدم البهلوية (الفارسية القديمة).<br />
<br />
لذلك كانت ترجمة الإجراءات البيروقراطية للإمبراطوريتين السابقتين هي الخطوة الأولى في إدارة الإمبراطورية الجديدة.<br />
<br />
وكانت المواءمة بين المصطلحات البيروقراطية لتشمل في حد ذاتها تقسيم الأراضي لتحصيل الضرائب. وكان هذا ليشمل مؤلفات رياضية وفلكية ابتدائية في مسح الأراضي ووضع التقاويم وأشياء مثل تحديد طول النهار وأوقات طلوع النجوم وأفولها، إلخ. كما يجب ألا ننسى الرعاية الطبية الأساسية والحاجة إلى تدبير رعاية الصحة العامة. وبعبارة أخرى فإنه كان هناك حاجة إلى علم متطور. كان لا بد من العلم لبناء إمبراطورية أفضل من الإمبراطورية المهزومة.<br />
<br />
كنت قد قرأت فيما مضى عن ابن خليفة طمح في أن يصبح خليفة، ولكن ذلك لم يسنح له، فاهتم بالخيمياء ليعوض نفسه عن الخلافة. (وفي الواقع فإن النصوص الأولى التي نسمع عن ترجمتها من اليونانية إلى العربية كانت النصوص الخيميائية والتنجيمية.) وحسب فهمنا التقليدي للخيمياء فإن هذا الرجل كان يحاول أن يصنع الذهب. فتضحكك هذه الحكاية من الرجل الذي لم يحصل لا على الخلافة ولا على الذهب.<br />
<br />
ولكن تبين أنه كان مهتماً بالنسبة الحقيقية للذهب والسبائك التي يجب خلطها لصنع عملة. فإنه لا يمكن تأسيس إمبراطورية دون عملة. وفي هذه الفترة، أي القرن السابع والقرن الثامن، لم يكن يعرف كيف يتمّ ذلك سوى أهل الخيمياء. كانوا يعرفون كيف يزنون بأثقال صغيرة جداً. وهذا هو سبب الاهتمام بالخيمياء وترجمة النصوص الخيميائية.<br />
<br />
وكلما طال الاستقرار كلما زاد إنتاج العلم. فأوقات الاضطراب ليست مواتية للعلم. حكم عبد الملك بن مروان لمدة عشرين سنة تقريباً، من ٦٨٥ إلى ٧٠٥. وكان يجب إجراء جميع المعاملات البيروقراطية باللغة العربية طوال هذه الفترة. ولذلك كان لا بد أن يتحدث البيروقراطيون العربية كلغة أمّ أو أن يتعلموها. وبالتالي فإن البيروقراطيين الذين كانوا يعملون منذ ما قبل الإمبراطورية الجديدة لم يعودوا مطلوبين.<br />
<br />
فإذا فكرنا تفكيراً سوسيولوجياً، فما هو رد الفعل المتوقع من مجموعة من البيروقراطيين المفصولين الذين لم يعودوا مطلوبين في الإمبراطورية؟ إن الاختيارات محدودة: قد يعفو عليهم الزمن، أو قد يتخصصوا فيما تحتاج إليه الإمبراطورية ويعودوا بمعرفة أكثر تطوراً بكثير.<br />
<br />
وهذا ما حدث بالفعل. عاد الجيل اللاحق ممن تم فصلهم من بيروقراطية الإمبراطورية. فتظهر أسماؤهم في التاريخ: الطبيب الخاص للخليفة، والمنجم الخاص للخليفة، ومدير هذا أو ذاك. إن منافسة من كانوا قد تولوا مناصب آبائهم هي ما حفز هؤلاء الأفراد إلى التمكن من العلوم الأكثر تطوراً.<br />
<br />
وهذا دافع من دوافع الرجوع إلى أهم النصوص اليونانية القديمة التي كانت قد نُسيت لمدة سبعمائة سنة. فإن في بيئة تنافسية جديدة يعود المرء بمعرفة جديدة تمكّنه من منافسة من حلوا محل أبيه في البيروقراطية.<br />
<br />
إن هذا يفسر ترجمة النصوص اليونانية تفسيراً أكثر إقناعاً من فكرة حلم خليفة بالاطّلاع على ما كان أرسطو قد قاله. الشخص الذي يحصل على وظيفة بفضل ما قاله إقليدس وديوفانطوس وجالينوس، هو الذي يدعو إلى ترجمة كتبهم. كان يمكن لهؤلاء الأشخاص، بعد أن تسلحوا بهذه النصوص الأساسية، أن يتولوا مناصب بيروقراطية أعلى من مناصب من حلوا محل آبائهم.<br />
<br />
يروي إذاً الفصلان الأولان من الكتاب حكاية نشأة العلم كرد فعل على محض حاجات الإمبراطورية الجديدة، ويشرحان أسباب ازدهار هذا العلم، ويأخذان في الاعتبار الظروف التنافسية التي أحدثتها الإمبراطورية الجديدة. كل هذا اقتصادي وسياسي حتى العظم.<br />
<br />
وما زال الدين مهماً. قدّم الإسلام حافزاً، باعتباره ديناً جديداً في الإمبراطورية، على تساؤلات لم تكن متوقعة في التراث اليوناني.<br />
<br />
وعلى سبيل المثال فعلى المسلم أن يصلي خمس مرات في اليوم ويتجه إلى القبلة. وكلا هذين الشيئين بسيطان. ولكنهما معقدان جداً إذا أخذتهما مأخذ الجد. فإن وقت إحدى الصلوات مرتبط بطول ظل المرء على الأرض. وكان من المفترض، في البداية، أن يبدأ وقت صلاة العصر حين يصير ظلك مثلك وينتهي حين يصير ظلك مثليك. كان من المفترض أن تتم صلاة العصر في حدود تلك الفترة. وكان ذلك يصلح في مكة وفي منطقة قد يكون أقصاها المدنية. ولكن في دمشق أياماً كثيرة في كل عام لن يكون ظلك مثلك أبداً في أي ساعة من ساعات النهار. فمتى تبدأ الصلاة؟<br />
<br />
أدت هذه المسألة البسيطة جداً إلى دراسة لأطوال الظلال عند دوائر عرض مختلفة. فأصبحت الجغرافيا الرياضية جزءاً لا يتجزأ من الصلاة. وإذا خضت في الجغرافيا الرياضية فإنّك تدخل في علم الفلك من الباب الكبير. فإنك تتعلم مواقع الشمس في كل يوم من أيام السنة، وأين أنت على الكرة الأرضية بالنسبة للشمس، وكيف تلقي الشمس الظل، وما علاقة الظل بموقعك. وكل هذه الأسئلة مقدمات ممتازة في علم الفلك. فهل يبقى أي تساؤل عن سبب الحاجة إلى النصوص الفلكية؟<br />
<br />
ثانياً، لم يفكر أي يوناني في أن يتجه إلى مدينة معينة وهو يصلي. ويوجب الإسلام على المسلم أن يتجه إلى مكة عند الصلاة. غير أن رؤيتنا للعالم معتمدة على خرائط مسطحة. عندما أسأل طلابي أين مكة، بالنسبة لموقعنا في نيويورك، يقول تسعة من كل عشرة « جنوب شرق »، لأنهم ينظرون إلى الخريطة المسطحة. فيذهلون بأن مكة، في الحقيقة، شمال شرق موقعك إذا كنت في نيويورك. وهذا هو السبب في أن الطائرات المتجهة إلى أوروبا تطير فوق بوسطن. ولكن التوصل إلى هذا الإدراك يتطلب علماً متطوراً للمثلثات الكروية، أي يتطلب قوانين لحساب المثلثات لم يكن اليونانيون في حاجة إليها. ومن هنا نشأ مجال علمي جديد.<br />
<br />
والجزء الثاني من الكتاب يتناول تأثير كل هذه الأعمال على أوروبا.<br />
<br />
ففي القرنين الثاني عشر والثالث عشر قامت في أوروبا حركة كبيرة لترجمة نصوص من العربية إلى اللاتينية. وجرت العادة على اعتبار هذه الفترة فترة استعادة أوروبا لجذورها إذا جاز التعبير. يقال إنه لم يمكن العثور على النصوص اليونانية فتمت ترجمتها عن طريق العربية.<br />
<br />
ولكن غير صحيح أنه لم يمكن العثور على هذه النصوص. إنما تم العثور عليها وترجمتها مباشرة من اليونانية بعد ذلك، في القرنين الخامس عشر والسادس عشر. فلماذا ترجموها من العربية إذا كان نفس النص موجوداً في اليونانية؟<br />
<br />
إن لب حجتي هو أن العلماء الأوروبيين استعملوا اللبنات الأولى التي كانت قد تشكلت في الحضارة الإسلامية ليبنوا علمهم الجديد. ومعنى ذلك ليس أن النهضة الأوروبية ليست نهضة رائعة. إنها فعلاً إحدى الفترات الأكثر إبداعاً في التاريخ.<br />
<br />
ولكنه من الجدير بالذكر أن منهج الترجمة تغير بعد القرن الرابع عشر. في القرنين الخامس عشر والسادس عشر لم يعد الأوروبيون يتناولون تلك النصوص العربية بالطريقة التي كانوا قد تناولوها بها في العصور الوسطى. فإن العلماء الأوروبيين كفوا عن توظيف مترجمين وتعلموا العربية أنفسهم.<br />
<br />
هل يجوز أن نفترض أن علماء عصر النهضة كانوا أقل ذكاء من علماء يومنا هذا؟ إذا سألتَ عالِم معاصر عمّا قيل في الفيزياء منذ خمسين سنة، فسيقول لك إن الزمن قد عفا على كل ذلك. لا يقرأ علماء اليوم ما كُتب في مجالاتهم منذ خمسين سنة. لا يهتمون إلا بأحدث شيء. فلماذا كان عالِمٌ في عصر النهضة ليقرأ نصاً مكتوباً في اليونان القديم قبل ذلك بألف سنة، بينما كان ذلك النص قد خضع للمناقشة والانتقاد والتحديث في العالم الإسلامي؟<br />
<br />
فيتناول الجزء الثاني من الكتاب مثل هذه الأمور.<br />
<br />
<span style="font-weight: bold;">صورة مقربة</span><br />
<br />
وأضرب مثال كوبرنيكوس، الذي التقط من النصوص العربية كل المبرهنات الرياضية التي كان يحتاج إليها، أو يكاد، لبناء علم فلكه. لم تكن هذه المبرهنات موجودة في النصوص اليونانية القديمة.<br />
<br />
ويثير ذكر كوبرنيكوس الاضطراب لأننا ننسب إليه اكتشاف دوران الأرض حول الشمس. ولم يجد كوبرنيكوس هذه الفكرة عند أي عالِم فلك مسلم أعرفه. لم يكن أي عالِم فلك مسلم أعرفه ليؤمن بنظرية مركزية الشمس أو ليسمح بعلم كونيات يتضمن نظرية مركزية الشمس. لم يستطيعوا، ولم يستطع كوبرنيكوس، تبيين البنية المادية للكون، فهذا التبيين يعتمد على قانون أساسي كان نيوتن سيكتشفه بعد عهد كوبرنيكوس بمائة سنة.<br />
<br />
غير أن كوبرنيكوس كان في حاجة إلى الآليات الرياضية التي تستوعب حركات الكواكب. كان في حاجة إلى نموذج تنبؤي ليعرف الموقع الذي سيظهر فيه كوكب ما في وقت ما لمعاين على الأرض. وإذا سألتَ عن موقع ظهور الكوكب لمعاين على الأرض بدأتَ في حل المشكلة بالنسبة لكون متمركز على الأرض. وكانت جميع هذه الإجابات موجودة بالفعل في العالم الإسلامي.<br />
<br />
ويبقى السؤال: لماذا فعل كوبرنيكوس ذلك؟ هناك أشخاص كثيرون يجيبون على هذا السؤال بطرق مختلفة كثيرة. ولكن أية من هذه الإجابات ليست مقنعة حقاً بالنسبة لعلم الكونيات. لأنها لا تبين القوة التي تربط بين الكواكب والشمس. حتى كيبلر، الذي يأتي بعد كوبرنيكوس، والذي ينبغي أن يُسمى أب علم الفلك الحديث، كان يعتقد أن الكواكب تتجاذب كالمغناطيسات. استخدم كيبلر المغناطيسية كاستعارة لهذا التجاذب لأنه لم يكن على علم بعد بقانون الجذب العام لنيوتن.<br />
<br />
ومن ناحية أخرى، إذا فكرتَ تفكيراً رياضياً، فلا يهم ما إذا كان مركز الكون في الشمس أو الأرض. وهذا ما مكّن كوبرنيكوس من قلب كل الرياضيات التي كانت قد تطورت في العالم الإسلامي ليستخدمها في نظرية مركزية الشمس.<br />
<br />
<span style="font-weight: bold;">أخيراً</span><br />
<br />
لماذا لم يستمر هذا النشاط العلمي في الإسلام؟ أقول عدة أشياء في الكتاب عن مفهوم « التدهور ». يتحدث الناس عن الصعود والسقوط، وعن الحركة الدورية، ومثلاً عن صعود الإمبراطورية العثمانية وسقوطها، أو صعود الإمبراطورية الرومانية وسقوطها. لستُ مقتعناً جداً بهذه الفكرة. انهارت الإمبراطورية الرومانية بالفعل، ولكنها انهارت بعد ألف وخمسمائة سنة. لا يرجع التدهور إلى دورة من حيث هي دورة، وإنما تتغير كل الأشياء، بما فيها قوة الإمبراطوريات، عندما تتغير الظروف التاريخية.<br />
<br />
انظر إلى خريطة أوروبا في عام ١٤٠٠، تجد كل طرق التجارة تتقاطع في قلب العالم الإسلامي. لم يكن أي تاجر أوروبي يتصور أنه قد يجني مالاً دون أن يدفع بعضه لمحصل ضرائب في ميناء إسلامي أو مدينة إسلامية. وأصبحت هذه الخريطة مختلفة جداً في العام ١٥٥٠. لقد انتقلت كل طرق التجارة فتجتاز المحيط الأطلسي. فالاكتشاف العرضي للعالم الجديد هو ما أفقد العالم الإسلامي الصدارة في التجارة.<br />
<br />
فالأسئلة السخيفة عما « أخطأ » في الإسلام وعن السبب في أن العلم فات المسلمين بعد أن ملكوه، إنما يجيب عليها سؤال آخر: « لماذا وكيف أنتجت أوروبا العلم في الحقيقة؟ »<br />
<br />
سيكون هذا موضوع كتابي المقبل. كما تناولتُ آليات إنتاج العلم في بداية الحضارة الإسلامية، أريد الآن تناول الآليات التي حولت تلك الثروة، والظروف الاقتصادية في الواقع، إلى إنتاج العلم في أوروبا. كيف أنتج الأوروبيون علماً تعذر على الحضارة الإسلامية، وعلى الحضارتين الصينية والهندية غير الإسلاميتين، أن تقلده؟</blockquote>
</div>
بنجامين گيرhttp://www.blogger.com/profile/01514748224616373407noreply@blogger.com10tag:blogger.com,1999:blog-4506708091640023578.post-46736936525476366072009-10-26T11:51:00.019+02:002009-10-30T10:17:17.171+02:00أوبك وتغير المناخ<div dir="rtl" style="text-align: right;">في عدد نوفمبر ٢٠٠٨ من مجلة <a href="http://www.mitpressjournals.org/loi/glep"><span style="font-style: italic;">Global Environmental Politics</span></a> مقالتان تتناولان موقف أعضاء منظمة الأقطار المصدرة للبترول (أوبك)، ولا سينما السعودية، من الجهود الرامية إلى التخفيف من تغير المناخ.<br /><br />يعرض (جون بارنيت)، في مقالته <a href="http://www.landfood.unimelb.edu.au/rmg/geography/papers/barnett10.pdf">The Worst of Friends: OPEC and G77 in the Climate Regime</a> المتاحة للتنزيل مجاناً، لتأثير أوبك على مواقف الدول النامية من تغير المناخ. ويشير أولاً إلى أن تغير المناخ وارتفاع أسعار النفط يضران بصحة ورفاهية الملايين من الفقراء في أنحاء العالم. ومع ذلك فإن أوبك تعارض التقليل من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري الناتجة عن حرق النفط، كما تعمل المنظمة على رفع أسعار النفط. والغريب أن دول مجموعة الـ٧٧ (وهي تحالف مجموعة من الدول النامية) كثيراً ما تؤيد مساعي أوبك لعرقلة الجهود الدولية المبذولة لمكافحة تغير المناخ. ويذكر (بارنيت) أن شركات النفط الكبرى وشركات تصنيع الأسلحة لديها مصلحة في زيادة احتمالات الصراع المسلح في الشرق الأوسط، فمن شأن التوتر والصراع أن يرفعا أسعار النفط. ورغم أنه يبدو كأن هذه المصلحة تهدد سيادة أعضاء أوبك في الشرق الأوسط، إلا أن استقرار الأنظمة الحاكمة في هذه الدول يعتمد هو الآخر على ارتفاع أسعار النفط. ثم يقدم المؤلف تفسيراً لنفوذ أوبك في مجموعة الـ٧٧ فيما يتعلق بتغير المناخ، فيقول إن أعضاء مجموعة الـ٧٧ تسعى عادة إلى الوحدة في مفاوضاتها مع الدول الكبرى، وأن الدول النامية تعتبر أعضاء أوبك الثرية، وخاصة السعودية، أبطالاً تنصرها في هذه المواجهة. ويؤكد (بارنيت) على أن هذا الموقف غير عقلاني في هذه الحالة، فإنه يتعارض مع مصلحة الدول النامية في مكافحة تغير المناخ.<br /><br />وتصف (جوانا ديبليج)، في مقالتها <a href="http://dx.doi.org/10.1162/glep.2008.8.4.9">Striving for No: Saudi Arabia in the Climate Change Regime</a>، أنواع العرقلة التي قام بها الوفد السعودي باستمرار لمنع محادثات الأمم المتحدة بشأن المناخ من التوصل إلى أي اتفاق. وتشير (ديبليج) إلى أن السعودية متحالفة مع لوبيات النفط والفحم القوية في أمريكا وأستراليا. ثم تتناول المؤلفة أسباب انصياع مجموعة الـ٧٧ للموقف السعودي فتؤيد تفسير (بارنيت)، وتذكر أيضاً أن التقدم المتواضع الذي حققته الدول الكبرى في التقليل من انبعاثاتها وفي مساعدة الدول النامية على مواجهة تغير المناخ من شأنه أن يعزز موقف المعرقلين. غير أن سلطة السعودية في مجموعة الـ٧٧ ليست مطلقة، فإن الدول الآخرى الأعضاء نجحت أحياناً في عزل السعودية وإجبارها على التنازل عن بعض مواقفها في المفاوضات الدولية حول تغير المناخ.<br /></div>بنجامين گيرhttp://www.blogger.com/profile/01514748224616373407noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-4506708091640023578.post-11294916299761940202009-10-13T01:07:00.003+02:002009-10-13T21:03:39.064+02:00الثورات الحقوقية في أمريكا اللاتينية<div dir="rtl" style="text-align: right;">يذكر (بروس ويلسون)، في مقالته <a href="http://hup.sub.uni-hamburg.de/giga/jpla/article/view/40">Institutional Reform and Rights Revolutions in Latin America: The Cases of Costa Rica and Colombia</a> المنشورة في العدد الحالي من مجلة <span style="font-style: italic;">Journal of Politics in Latin America</span>، والمتاحة للتنزيل مجاناً، أن الباحثين كانوا يتحسرون على ضعف القضاء في أمريكا اللاتينية بأجمعها منذ ٣٠ سنة، وأن هذا الواقع انقلب تماماً في العشرين سنة الماضية، بل إن بعض البلدان شهد في هذه الفترة ما يُسمّى « ثورات حقوقية ». ومعنى هذا أن المحاكم العليا، التي كانت تقضي في قضايا خاصة بحقوق الملكية وقانون العقود في الغالب، أصبح شغلها الشاغل حماية الحقوق الفردية ولا سيما حقوق الفقراء والخاضعين للسيطرة. لماذا حدث ذلك؟<br /><br />يشير (ويلسون) إلى أن وجود حقوق فردية في النصوص القانونية لا يكفي لحمل القضاة على حماية هذه الحقوق. ولذلك كان الباحثون يعزون قيام الثورات الحقوقية إلى وجود منظمات حقوقية لها من الخبرة والمال ما يمكّنها من توفير الدعم القضائي لمن تم انتهاك حقوقهم الفردية. ولكن هذا التفسير لا ينطبق على كوستاريكا أو كولومبيا، فإن كلاً منهما شهدت ثورة حقوقية مع أنها كانت وما زالت تخلو من هذا النوع من المنظمات.<br /><br />فيلخص المؤلف تاريخ القضاء في البلدين، ثم يركز على بعض الإصلاحات القضائية التي قامت بها كل منهما. فهذه الإصلاحات ألغت الشكليات في المحكمة العليا، ووسّعت حق المثول أمام المحكمة، وسمحت لأي شخص برفع قضية إليها، دون أن يدفع رسوماً قانونية، وحتى بدون محامٍ. ويؤكد أن إزالة الحواجز الشكلية والمالية التي كانت تحول بين الفقراء وبين رفع قضايا إلى المحكمة العليا قد تكون سبب الثورة الحقوقية التي حدثت في كل من كوستاريكا وكولومبيا.<br /></div>بنجامين گيرhttp://www.blogger.com/profile/01514748224616373407noreply@blogger.com3tag:blogger.com,1999:blog-4506708091640023578.post-42017741609988307032009-10-07T23:35:00.013+02:002010-04-05T17:57:59.194+02:00الفصل بين المواطنة والانتماء القومي<div dir="rtl" style="text-align: right;" trbidi="on"><div dir="rtl" style="text-align: right;">يشير (هالدون گولالب)، في مقدمته لكتاب <a href="http://books.google.com/books?id=aps1ruOW0_EC&lpg=PP1&pg=PP1#v=onepage&q=&f=false" style="font-style: italic;">Citizenship and Ethnic Conflict: Challenging the Nation-State</a> الصادر في عام ٢٠٠٦، إلى أن فكرة الدولة القومية، التي أصبحت أساس بناء الدول في أنحاء العالم منذ القرن التاسع عشر، تحتوي على تناقض. فالدولة القومية تهدف إلى انتزاع المواطنين من انتماءاتهم التقليدية لئلا ينتموا إلا إلى الأمة، ولكن مفهوم الأمة ما زال يعتمد على انتماءات تقليدية، مثل الانتماء الديني أو اللغوي. أما من لا يشاركون في هذه الانتماءات القومية فيُعتبرون أقليات. وسواء كانت الأقليات موجودة منذ إنشاء الدولة، مثل الأكراد في تركيا، أم وافدة بعد ذلك، مثل الأتراك في ألمانيا، فإنها تحول حتماً دون تحقيق المثال الأعلى للقومية، وهو المطابقة المستحيلة بين الدولة والأمة. ومن ثم فإن الدولة القومية ليست إلا أسطورة. لذلك ينادي مؤلفو الكتاب بالفصل بين المواطنة والانتماء القومي.<br />
<br />
ويبحث كل فصل من فصول الكتاب وضع القومية والمواطنة في دولة معينة. ففي فصل عنوانه Redefining German Unity: From Nationality to Citizenship، تذكر (ريفا كاستوريانو) أن القانون الألماني لم يكن يسمح بالحصول على الجنسية الألمانية إلا لمن هو« من أصل ألماني ». فحصل مهاجرون على الجنسية الألمانية، وفقاً لهذا المبدأ، فور وفودهم من شرق أوروبا بعد سقوط جدار برلين في عام ١٩٨٩، لا لشيء إلا لأن نسبهم يُعتبر ألمانياً، بينما يظل أجانب آخرون محرومين من حق الجنسية، مع أنهم مقيمون في ألمانيا منذ أكثر من ٣٠ سنة، لا لشيء إلا لأن نسبهم يُعتبر تركياً. وصدر قانون في عام ١٩٩٩ يسمح للطفل المولود في ألمانيا بأن يحصل على الجنسية الألمانية إذا كان أحد أبويه مقيماً في ألمانيا منذ ٨ سنوات على الأقل. ولكن هذا القانون الجديد لا يستجيب للمطالبة بالحصول على الجنسية الألمانية دون التنازل عن الجنسية الأصلية، فمفهوم الجنسية في ألمانيا مرتبط بفكرة الانتماء إلى الأمة الألمانية دون غيرها. غير أن مفهوم الأمة الألمانية كان وما زال مفهوماً عرقياً ودينياً في المقام الأول، فلا يسمح بأي اختلافات ثقافية. ولا يمكن أن يشارك الأجانب في السياسة إلا من خلال جمعيات تمثل مجموعات عرقية، مما يشجعهم على التمسك بقوميتهم غير الألمانية (التركية مثلاً)، ومن ثم إلى المطالبة بالجنسية المزدوجة. وتلخص (كاستوريانو) تقلبات العلاقات بين الأجانب والدولة في ألمانيا، ثم تشير إلى أن القضية الأساسية ليست الجنسية المزدوجة، وإنما هي المواطنة الكاملة التي لا يزال الأجانب يفتقرون إليها.<br />
<br />
وتذكر (إفي فوكاس)، في فصلها Greece: Religion, Nation, and Membership in the European Union، أن الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية تلعب دوراً محورياً في تحديد مفهوم الأمة اليونانية، وذلك منذ عصر الدولة العثمانية، التي عهدت إلى البطريرك الأرثوذكسي اليوناني بالسيطرة الدينية والسياسية على « الملة » الأرثوذكسية، أي جميع الأرثوذكسيين في اليونان وبقية البلاد العثمانية. وأصبح الانتماء إلى الملة الأرثوذكسية يُعدّ مطابقاً للانتماء إلى الأمة اليونانية. وبقي هذا الارتباط بين الدين والقومية قائماً بعد استقلال اليونان، لا سيما خلال فترة الدكتاتورية العسكرية (١٩٦٧-١٩٧٤)، بالرغم من إبعاد الكنيسة عن السلطة السياسية وإخضاعها للدولة اليونانية. ولكن القومية اليونانية ونفوذ الكنيسة قد ضعفا بعض الشيء، بسبب تزايد التعدد الثقافي داخل البلد، بالإضافة إلى عضوية الدولة اليونانية في الاتحاد الأوروبي، التي أجبرتها على ضمان الحرية الدينية. غير أن المسيحية الأرثوذكسية ما زالت الدين الرسمي للدولة في الواقع، بل أن الكنيسة الأرثوذكسية ما زالت جزءاً من الدولة، فيتمتع الأرثوذكسيون بامتيازات لا يتمتع بها أتباع الديانات الأخرى. وتروي (فوكاس) بعض الصراعات التي خاضتها الكنيسة في السنوات الأخيرة من أجل التمسك بنفوذها. وتستنتج المؤلفة من كل هذا أن اندماج اليونان في الاتحاد الأوروبي قد يؤدي إلى قطع العلاقة بين الدين والقومية.<br />
<br />
ويلفت (سونير تشاگابتاي) الانتباه، في فصل عنوانه Passage to Turkishness: Immigration and Religion in Modern Turkey، إلى غرابة استخدام كلمة « تركي » في تركيا الآن. فمعظم سكان تركيا يعتبرون تركياً كل مسلم مقيم في تركيا، حتى لو اعتبر نفسه كردياً أو بوسنياً مثلاً. أما من هو مقيم في تركيا وغير مسلم فلا يعدّ تركياً، حتى لو تكلم اللغة التركية. ويلخص (تشاگابتاي) تاريخ القومية التركية ليكشف أسباب ظهور هذا الرأي. فيثبت وجود تناقض بين الدعاية القومية التركية وبين ممارسات الدولة في الواقع، فيما بين الحربين العالميتين. فالدعاية جعلت من الإقامة في تركيا ومن استخدام اللغة التركية أساس الانتماء إلى الأمة التركية، بغض النظر عن الديانة. ولكن سياسة الهجرة كانت معتمدة على فكرة أن أي مسلم وافد إلى تركيا من البلاد العثمانية السابقة ــ إن لم يكن عربياً ــ إنما هو تركي. ورغم ازدياد أهمية فكرة العرق التركي في المفهوم الرسمي للأمة التركية منذ الثلاثينات، لا سينما في سياسة الدولة تجاه الأكراد، إلا أن الإسلام يظل عنصراً مهماً من عناصر هذا المفهوم. ولكن (تشاگابتاي) يرى أن الإصلاحات التي قامت بها أنقرة لتلبية شروط الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، فيما يتعلق بحقوق الأقليات الدينية واللغوية، أثارت جدلاً في تركيا قد يؤدي إلى تغيير كبير في القومية التركية.<br />
<br />
ويركز (آلان ديكهوف)، في فصله The Nation in Israel: Between Democracy and Ethnicity، على العلاقة بين الدين والدولة في إسرائيل، وتأثير هذه العلاقة على المواطنين العرب في تلك الدولة. ويشير أولاً إلى أن وثيقة الاستقلال لدولة إسرائيل تحتوي على التباس مقصود، فإن مؤلفيها استخدموا عبارات قد توحي بأن إسرائيل دولة علمانية أو جزء من رسالة دينية، وذلك لكي يرضوا أتباع الصهيونية العلمانية والصهيونية الدينية في آن واحد. ويؤكد (ديكهوف) على أن هذا الالتباس يعكس تناقضاً في صميم المشروع الصهيوني. فإن القادة العلمانيين لم يجدوا أي معايير غير دينية لتعريف الرابطة القومية اليهودية. لذلك أصبح الدين اليهودي هو الدين الرسمي للدولة في كل شيء ما عدا الاسم، واستحوذت الحاخامية الأرثوذكسية على وضع معايير لتحديد من هو يهودي. وواضح أن الطابع اليهودي لمؤسسات الدولة يؤدي إلى تمييز صارخ ضد المواطنين العرب في إسرائيل. ويشير (ديكهوف) إلى أن الأمة اليهودية مجتمع وهمي مثل كل الأمم، فلم يمكن أن يقتنع المهاجرون اليهود أنها حقيقية إلا إذا نشأت ثقافة مشتركة تجمع بينهم جميعاً، بما فيهم المثقف الألماني الشيوعي والراعي اليمني الأمي، على سبيل المثال. ويؤكد أن الخدمة العسكرية، التي يعفى منها غير اليهود، لعبت دوراً محورياً في تكوين هذه الثقافة المشتركة. ثم يلخص السياسات القمعية التي يتعرض لها المواطنون العرب في إسرائيل منذ إنشائها. ويقترح تحويل إسرائيل إلى دولة قائمة على الديمقراطية الطائفية على غرار لبنان، لكي تضمن المساواة بين اليهود والعرب.<br />
<br />
ولكن النموذج اللبناني هو ما ينتقده (موروس رينكوفسكي) و(صوفيا سعادة) في فصلهما، A Nation Divided: Lebanese Confessionalism. ويذكران أن النظام السياسي اللبناني يضمن توزيع المناصب السياسية بين الطوائف الدينية، ويجعل من نخب الطوائف أهم الفاعلين السياسيين. كانت المؤسسات السياسية الطائفية منتشرة في الدولة العثمانية، ثم زالت بعد انهيار تلك الدولة في بعض البلاد وبقيت في لبنان، ربما لأن الطائفية سمحت للموارنة بالحفاظ على سلطتهم مقابل إشراك الطوائف الأخرى في الحكم. ويشير المؤلفان إلى أن التفسير الأكثر قبولاً للدور الذي لعبته الطائفية في نشوب الحرب الأهلية اللبنانية (١٩٧٥-١٩٩٠) هو أن عملية التوصل إلى الإجماع كانت هشة متداعية وعرضة للشَلَل، فكان لبنان عرضة للتأثيرات الخارجية السلبية، وكان من المحتمل أن تتحول أي أزمة سياسية إلى حرب أهلية. ويحلل (رينكوفسكي) و(سعادة) اتفاق الطائف الذي وضع حداً للحرب الأهلية، والدستور الصادر في عام ١٩٩٠ بناءً على هذا الاتفاق، فيتضح أن هاتين الوثيقتين لم تنصا على القضاء على الطائفية. ثم يلخص المؤلفان المناقشات التي دارت في لبنان حول الطائفية منذ نهاية الحرب الأهلية، ويركزان على مصير مشروع الزواج المدني الذي طرحه الرئيس اللبناني السابق إلياس الهراوي في عام ١٩٩٨، والذي أجهضته الشخصيات الدينية لأنه كان من شأنه أن يقلل من سلطتها. ويشيران إلى أن النظام الطائفي اللبناني يمنع العلمانيين من ترشيح أنفسهم للانتخابات البرلمانية، وأن كثيراً من اللبنانيين الذين يرفضون الطائفية يُضطرون إلى الهجرة، لأن موقفهم من الطائفية يحرمهم من نصرة طوائفهم، التي لا بد منها للحصول على عمل في لبنان.<br />
<br />
ويؤكد سامي زبيدة، في فصله The Rise and Fall of Civil Society in Iraq، أن العراق شهد تشكل مجتمع مدني حديث ونشط في القرن العشرين، وأن هذا مكّن العراقيين من الالتفاف حول التزامات سياسية غير طائفية، إلى أن تم قمع المجتمع المدني، خاصة في ظل النظام البعثي. و يلخص زبيدة تاريخ العراق في القرن العشرين، ويركز على ظهور تيارات سياسية قادرة على جمع أشخاص من طوائف مختلفة، لا سينما في ظل حكم عبد الكريم قاسم (١٩٥٨-١٩٦٣)، على الرغم مما شهدته تلك الفترة من قمع وصراعات سياسية عنيفة. ثم أطاح انقلاب بعثي بنظام قاسم، وأقام حكماً عسكرياً على أساس عشائري، مما أدى إلى سيطرة شِلَل سنية على البلد. ويروي زبيدة حياة شخصين نال كل منهما قدراً كبيراً من الاستقلال عن انتمائه الطائفي، وشارك في المجتمع المدني الذي ازدهر في العراق إلى حين. وأولهما الشاعر الشهير محمد مهدي الجواهري (١٩٠٣-١٩٩٩)، وثانيهما طبيب يهودي غير معروف (١٩١٥-٢٠٠٢) يعطيه المؤلف الاسم المستعار « الدكتور ناجي ». ولكن النظام البعثي قمع هذا المجتمع المدني، ومنع كل الاختلافات السياسية، وأقر سيطرة الطائفة السنية على الطائفة الشيعية، وذلك باسم القومية العربية. لهذا فإن أبرز القوى السياسية في فترة ما بعد صدام حسين هي المؤسسات الدينية والقيادات القبلية والطائفية. إلا أن المؤلف يرى أن الشباب قد يحاولون إعادة بناء المجتمع المدني في العراق إذا تحسن الوضع الأمني.<br />
<br />
وفي خاتمة الكتاب، Concluding Thoughts: Transcending the Nation-State?، يستنتج (هالدون گولالب) أن التجانس الثقافي هو أحد المثل العليا للدولة القومية، وأن هذا المثال يؤدي إلى التفاوت الاجتماعي، لأنه يسبتعد من لا يماثل النمط المقبول لأفراد الأمة. ولكن إتاحة حقوق جماعية للأقليات لا يمكن أن تحل هذه المشكلة، لأنها تسفر عن انتهاك حقوق الفرد. فلا بد إذن من تعزيز الحقوق الديمقراطية لجميع الأفراد، لمنع التمييز ولتمكينهم من تشكيل تحالفات وجماعات سياسية من أنواع مختلفة بحرية على حسب الظروف. وتتطلب هذه الرؤية للديمقراطية التخلي عن فكرة الدولة القومية، أو بعبارة أخرى، الفصل بين المواطنة والانتماء القومي. ويشير (گولالب) إلى أن العولمة تضعف سيادة الدول، وبالتالي فإنه يجب إنشاء ديمقراطية فوق وطنية.<br />
<br />
ويمكن تنزيل <a href="http://gigapedia.com/items/185331/citizenship-and-ethic-conflict--challenging-the-nation-state--routledge-research-in-comparative-politics-">نسخة إلكترونية من الكتاب</a> مجاناً.</div></div>بنجامين گيرhttp://www.blogger.com/profile/01514748224616373407noreply@blogger.com7tag:blogger.com,1999:blog-4506708091640023578.post-7067673447184752782009-09-20T03:29:00.006+02:002009-10-30T10:15:37.500+02:00التخطيط الحضري والهندسة المعمارية والاستيطان في القدس<div dir="rtl" style="text-align: right;">في العدد الحالي من مجلة <span style="font-style: italic;">Jerusalem Quarterly</span> <a href="http://www.jerusalemquarterly.org/ViewArticle.aspx?id=299">فصل (متاح للتنزيل مجاناً) من كتاب <span style="font-style: italic;">Hollow Land: Israel’s Architecture of Occupation</span></a> لـ(إيال وايزمان)، أستاذ الهندسة المعمارية بكلية (غولدسميثس) التابعة لجامعة لندن. ويحلل (وايزمان) في هذا الفصل استخدام إسرائيل للتخطيط الحضري والهندسة المعمارية للحد من عدد السكان الفلسطينيين في القدس، من خلال الحد من البناء في الأحياء الفلسطينية وتكثيف البناء في الأحياء اليهودية، على سبيل المثال. ولقد أسفرت هذه السياسات عن تفاقم الازدحام وارتفاع أسعار العقارات في الأحياء الفلسطينية، مما اضطر الكثير من سكانها إلى الانتقال إلى مناطق أخرى في الضفة الغربية، حيث فقدوا حقهم في خدمات الدولة مثل الرعاية الصحية. فهدف هذه السياسات في واقع الأمر هو الهجرة القسرية، التي يجرمها القانون الدولي. وتوجد في نفس العدد <a href="http://www.jerusalemquarterly.org/ViewArticle.aspx?id=300">مراجعة للكتاب</a> بقلم سليم تماري، رئيس تحرير المجلة.</div>بنجامين گيرhttp://www.blogger.com/profile/01514748224616373407noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-4506708091640023578.post-14365946120818939372009-09-18T15:40:00.039+02:002009-12-23T16:11:28.840+02:00الصين وأفريقيا<div dir="rtl" style="text-align: right;" trbidi="on"><div dir="rtl" style="text-align: right;"><a href="http://journals.cambridge.org/action/displayIssue?iid=6166224">العدد الحالي من مجلة <span style="font-style: italic;">China Quarterly</span></a> (الصادرة عن جامعتي، كلية الدراسات الشرقية والأفريقية التابعة لجامعة لندن) مخصص لبحث العلاقات بين الصين وأفريقيا. وتشير (جوليا ستراوس) و(مارثا سافيدرا)، في <a href="http://dx.doi.org/10.1017/S0305741009990099">مقدمة العدد</a>، إلى أن التجارة بين الصين وأفريقيا قد نمت بسرعة هائلة منذ عام ٢٠٠١، وأن الصين تلعب دوراً دبلوماسياً مهماً في السودان على سبيل المثال. ولكن الأبحاث العلمية عن هذه العلاقات ما زالت قليلة، فيرمي هذا العدد إلى سد هذا الفراغ.<br />
<br />
ومن بين هذه الأبحاث، تتناول مقالة (دانييل لارج)، <a href="http://dx.doi.org/10.1017/S0305741009990129">China's Sudan Engagement: Changing Northern and Southern Political Trajectories in Peace and War</a>، تطور تعامل الصين مع السياسة السودانية الداخلية والخارجية على مدى العشرين سنة الماضية. يذكر (لارج) أن الصين أصبحت أهم شريك تجاري للسودان في التسعينات من القرن العشرين، خصوصاً من خلال استثماراتها في قطاع النفط، وأصبحت في نفس الوقت أهم حليف للخرطوم، بعد أن تولى حزب المؤتمر الوطني برئاسة عمر البشير الحكم في عام ١٩٨٩. ويذكر المؤلف أيضاً أن حكم حزب المؤتمر يتصف، شأنه شأن كل الأنظمة التي توالت على السودان منذ قرون طويلة، بسلطة مركزية يطغي حكامها على أطراف البلاد، معتقدين أنهم متفوقون على سكان الأطراف ثقافياً، مما أدى إلى تهميش الأطراف اقتصادياً وسياسياً وبالتالي إلى حروب أهلية مستمرة. فاستعانت الحكومة السودانية بالصين في مواجهة الأزمات السياسية التي نتجت، داخل السودان وفي علاقاته الخارجية، عن الحرب الأهلية الأخيرة وطموحات الخرطوم التوسعية. ووطد دعمُ الصين لحزب المؤتمر سلطة الحزب، فجعل من المنشآت النفطية الصينية أهدافاً للجماعات المسلحة المعارضة للحكومة السودانية. زد على ذلك أن الحكومة الصينية كانت ترى أن سياسات الرئيس عمر البشير تضر بسمعتها. لذلك بدأت الصين تضغط قليلاً على الحكومة السودانية، ومثال ذلك دعم الصين لنشر قوة تابعة للأمم المتحدة لحفظ السلام في دارفور. ويلفت المؤلف الانتباه إلى أن الصين، على الرغم من التزامها المألوف بمبدأ الاحترام الكامل لسيادة الدول، قد تخلت عن هذا مبدأ بعض الشيء في السودان، لأنها لم تستطع أن تتجاهل عجز الدولة السودانية عن السيطرة الفعالة على أراضيها. فعززت الصين مثلاً علاقاتها بالنخبة السياسية في جنوب السودان. ولكن المؤلف يشك في أن تؤدي هذه العلاقات إلى إزالة المظالم عن سكان المناطق المنتجة للنفط في الجنوب.<br />
</div></div>بنجامين گيرhttp://www.blogger.com/profile/01514748224616373407noreply@blogger.com1tag:blogger.com,1999:blog-4506708091640023578.post-30693362154094574942009-08-31T03:05:00.011+02:002009-11-12T11:38:44.097+02:00العلاقات بين السلطة ورجال الدين<div dir="rtl" style="text-align: right;">متى يتعاون رجال الدين مع السلطة، ومتى يعارضونها؟ تقترح (جولي تايلور)، في مقالتها <a href="http://dx.doi.org/10.1080/15288170701878227">Prophet Sharing: Strategic Interaction Between Muslim Clerics and Middle Eastern Regimes</a> المنشورة في عدد أبريل ٢٠٠٨ من مجلة <span style="font-style: italic;">Journal of Islamic Law and Culture</span>، والمتاحة للتنزيل مجاناً، نظرية ترمي إلى تحديد العوامل التي تحمل العلماء في الشرق الأوسط على شرعنة السلطة في بلدهم أو نقض ولائهم لها. وتفترض المؤلفة أن موقف رجال الدين من السلطة تعتمد على استراتيجيات عقلانية تهدف إلى تعزيز مكانتهم ونفوذهم في المجتمع من ناحية، وإلى الحصول على الامتيازات التي قد يوفرها لهم النظام من ناحية أخرى. وبناء على ذلك فإن المؤلفة تقدم نظرية تتنبأ بأن رجال الدين غالباً لن يؤيدوا المعارضة السياسية إلا إذا اكتسبت شعبية واسعة أولاً، وأن من شأن العلماء الذين يشغلون مواقع متوسطة في التراتب الديني أن يسبقوا النخب الدينية إلى الاعتراض على السلطة. ثم تثبت المؤلفة أن نظريتها تمكّنها من تفسير العلاقات بين السلطة ورجال الدين في مصر في عهد الرئيس حسني مبارك، كما في إيران في السبعينات وفي أعقاب الثورة الإسلامية. </div>بنجامين گيرhttp://www.blogger.com/profile/01514748224616373407noreply@blogger.com2tag:blogger.com,1999:blog-4506708091640023578.post-74800817273238401742009-08-27T19:35:00.007+02:002009-09-20T03:45:02.772+02:00عندما يقابل المصري دولته اليومية<div dir="rtl" style="text-align: right;">لاحظتُ لتوي أن سامر سليمان، أستاذ مساعد الاقتصاد السياسي بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، نشر في جريدة <a href="http://www.shorouknews.com/">الشروق</a> منذ عدة أشهر <a href="http://www.shorouknews.com/ContentData.aspx?id=33472">تلخيصاً</a> لكتاب <a style="font-style: italic;" href="http://books.google.co.uk/books?id=f017oyfCNj8C">Political Life in Cairo's New Quarters</a> (الحياة السياسية فى الأحياء الجديدة للقاهرة) لسلوى إسماعيل، أستاذة العلوم السياسية بجامعتي، كلية الدراسات الشرقية والأفريقية التابعة لجامعة لندن. ويشير سليمان إلى أن هذا البحث نموذج لـ« توافر العديد من الدراسات الجادة والمهمة عن مصر والتى ألفها مصريون وأجانب بلغات أجنبية التى لم تلفت انتباه المترجمين والناشرين إلا نادرا لأسباب لا أعلمها ».<br /></div>بنجامين گيرhttp://www.blogger.com/profile/01514748224616373407noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-4506708091640023578.post-49877564087696934562009-08-23T22:24:00.054+02:002010-04-05T18:00:33.691+02:00الإمبريالية الرسمية وغير الرسمية<div dir="rtl" style="text-align: right;" trbidi="on"><div dir="rtl" style="text-align: right;">يطرح (جوليان گو)، في مقالته <a href="http://dx.doi.org/10.1111/j.1467-9558.2008.00326.x">Global Fields and Imperial Forms: Field Theory and the British and American Empires</a> المنشورة في عدد سبتمبر ٢٠٠٨ من مجلة <span style="font-style: italic;">Sociological Theory</span>، والمتاحة للتزيل مجاناً، السؤال التالي: لماذا اعتمدت الإمبراطورية البريطانية في الغالب على « الإمبريالية الرسمية »، أي الاستعمار والحكم المباشر العلني للمناطق الخاضعة لسيطرتها، بينما اعتمدت الإمبراطورية الأمريكية في الغالب على « الإمبريالية غير الرسمية »، أي السيطرة المقنّعة على بلاد مستقلة اسمياً؟<br />
<br />
يشير المؤلف إلى أن كلاً من الدولتين استخدمت كلا النوعين من الإمبريالية، بالرغم من ميلها إلى أحد النوعين. ويستعرض النظريات السائدة في علم العلاقات الدولية فيثبت أنها عاجزة جميعاً عن تفسير هذه الأحداث. ثم يقدم نظرية (بيير بورديو) الاجتماعية وخاصة مفهوم « المجال »، الذي يدل على ساحة صراع على نوع معين من رأس المال، مثل رأس المال الاقتصادي أو رأس المال الرمزي (أي المكانة أو السمعة). ويذكر أن استراتيجيات كل منافس في مجال ما تعتمد على الوضع الحالي لعلاقات القوى في المجال، وأن هذه العلاقات تنتج عن الصراعات السابقة. ثم يؤكد أنه يجوز أن نعتبر العلاقات الدولية مجالاً عالمياً، وأن هذا يمكّننا من تفسير الأحداث المذكورة. ولب هذا التفسير أن بريطانيا، عندما أصبحت قوة عالمية في القرن التاسع عشر، لم تستطع أن تفرض سيطرتها إلا على مناطق خالية من البنى الاقتصادية والأمنية اللازمة للاستغلال الاستعماري، وأن احتلال هذه المناطق كان السبيل الوحيد إلى إنشاء هذه البنى. أما أمريكا فسنحت لها، بعد الحرب العالمية الثانية، أن تعتمد على بنى الاستعمار الأوروبي، فمالت إلى الاكتفاء بالدعم المالي للبلاد الأوروبية مقابل الاستفادة من مستعمراتها.<br />
<br />
ولكن عندما انهارت الإمبراطوريات الأوروبية، لماذا اختارت أمريكا السيطرة غير الرسمية على المستعمرات السابقة، بدلاً من استعمارها علناً؟ يعزو المؤلف ذلك إلى انتشار القومية المعادية للاستعمار في المجال العالمي، فهي مكنت القوى الكبرى، وخصوصاً الاتحاد السوفيتي، من اكتساب رأس مال رمزي من خلال الاعتراض على الاستعمار. ويمكن تحويل رأس المال الرمزي إلى رأس مال سياسي. فتجنبت أمريكا استخدام الإمبريالية الرسمية أثناء الحرب الباردة، خوفاً من أن تزيد من مكانة الاتحاد السوفيتي. ويشير المؤلف إلى أن الصين تنتهج المنهج غير الرسمي الآن.</div></div>بنجامين گيرhttp://www.blogger.com/profile/01514748224616373407noreply@blogger.com2tag:blogger.com,1999:blog-4506708091640023578.post-63169594109649903832009-08-23T18:46:00.003+02:002009-08-24T03:06:49.667+02:00أسباب التمرد الحوثي في اليمن<div style="text-align: right;">قرأتُ مقالة <a href="http://dx.doi.org/10.1080/00263200802697084">Inscriptions of Violence in Northern Yemen: Haunting Histories, Unstable Moral Spaces</a>، التي نشرها أيمن حميدي في عدد مارس ٢٠٠٩ من مجلة <span style="font-style: italic;">Middle Eastern Studies</span>، لأطّلع قليلاً على أسباب التمرد الحوثي في اليمن، الذي رأيتُ أخباراً كثيرة عنه مؤخراً في الصحف والتليفزيون. ويتطرق المؤلف إلى الخلفية التاريخية والسياسية للصراع، ويعزوه في نهاية المطاف إلى تضافر عدة عوامل، وبينها تأثير الدعم السعودي للتيار السلفي في اليمن، وحرص الحكومة اليمنية على إقامة ميزان قوى بين السلفيين والزيديين، وانصياعها لسياسة الحكومة الأمريكية في المنطقة ولا سيما لما يسمى الحرب على الإرهاب.<br /></div>بنجامين گيرhttp://www.blogger.com/profile/01514748224616373407noreply@blogger.com0