2010/07/21

الدراسة في الخارج قد تجعل المرء أقل قومية وأكثر عالمية

لقد درس كثير من الزعماء الصينيين في الخارج منذ أواخر القرن التاسع عشر.  يعود حالياً بين ٤٠ ألف و٥٠ ألف طالب صيني من الدارسة في الخارج في كل سنة، ويزداد انضمامهم إلى النخبة السياسية والأكاديمية والثقافية والاقتصادية.  هل رؤيتهم للأشياء أقل قومية وأكثر عالمية من رؤية من لم يدرس في الخارج؟  يجيب (دونگلين هان) و(دافيد تسفايگ) على هذا السؤال بالإيجاب في مقالهم Images of the World: Studying Abroad and Chinese Attitudes Towards International Affairs، الصادر في عدد يونيو ٢٠١٠ من مجلة The China Quarterly.  ويريان أن من شأن هذا أن يؤثر على السياسة الخارجية الصينية.

أجرى المؤلفان دراسة استقصائية لآراء الخريجين الذين درسوا في اليابان وكندا خلال الـ١٥ سنة الماضية، ثم قارنا بين نتائج هذا البحث وبين نتائج بحث آخر عن آراء الطبقة الوسطى الصينية عامة.  ويؤكدان أنه تبين أولاً أن مشاعر العائدين تجاه البلد الذي استضافهم أكثر ودياً من مشاعر غيرهم تجاه نفس البلد.

ثم يتطرقان إلى الآراء فيما يتعلق بالسياسة الخارجية.  يعزوان هذه الآراء إلى رؤيتين أساسيتين: الرؤية العالمية التعاونية والرؤية القومية.  تعكس الرؤية العالمية التعاونية استعداد المرء لمساعدة الشعوب الأخرى، وقيست في البحث بالموافقة على مزيد من المساعدات الصينية للدول الفقيرة.  أما الرؤية القومية فهي تنظر إلى الأجانب على أنهم يهددون مصالح الصين وهويتها، وتعزو ضعف الصين إلى استغلال القوى الخارجية لها وإلى تسلل الثقافات الأجنبية إليها، فتهدف إلى انخراط حذر في الشؤون الدولية، تجنباً للإهانات الممكنة.  ويقسم المؤلفان القومية إلى قومية سياسية وقومية اقتصادية.  قيست القومية السياسية في البحث بالموافقة على هاتين الجملتين: « ينبغي أن يؤيد كل شخص وطنه حتى إذا رأى أن وطنه مخطئ » و« ينبغي أن نكون مستعدين لاستخدام القوة العسكرية لحماية مصالحنا الوطنية ».  وقيست القومية الاقتصادية بالموافقة على هاتين الجملتين: « ينبغي أن نحد من الواردات لنحمي اقتصاد وطننا » و« ينبغي أن نمنع الأجانب من شراء الشركات الكبيرة في القطاع العام ».

أظهرت نتائج البحث أن العائدين من كندا واليابان يعتنقون رؤية عالمية تعاونية إلى حد كبير.  أما القومية فإنهم ميالون إلى القومية السياسية، غير أنهم يفضّلون التجارة الحرة على القومية الاقتصادية في الغالب.  ومن الملاحظ أن القومية السياسية أشد عند من درس في اليابان منه عند من درس في كندا، ويرى الباحثان أن هذا قد يكون نتيجة لتأثير السلامية اليابانية.

وبالمقارنة بالطبقة الوسطى الصينية، فإن العائدين من الدراسة في الخارج أميل إلى الرؤية العالمية التعاونية، وأقل قومية.  يرى المؤلفان أنه من المحتمل أن يرجع ذلك إلى الدراسة والإقامة في الخارج، ولكن لا يمكنهما استبعاد فرضية أن أصحاب الرؤية العالمية أميل من غيرهم إلى السفر أصلاً.  ويشيران إلى أن العائدين أقلية صغيرة، وأننا لا نعرف ما إذا كانوا سيؤثرون في سياسات الدولة.  ولكن تاريخ الصين الحديث يدل على التأثير الكبير الذي أحدثه الطلاب الذين عادوا إلى الصين بعد الدراسة في الخارج فيما مضى.

هناك 5 تعليقات:

Basil AsSadhan يقول...

استخدام "وطنية" و "دولية" للترجمة غير مناسبين، خاصة وطنية، فوصف "أقل وطنية" يشير إلى عدم الاكتراث بالوطن، "أقل قومية" أفضل، وإن كان ربما "أقل محلية" أفضل. كما أفضل وصف أكثر عالمية على وصف وصف أكثر دولية. فالمقصود أن الدراسة في الخارج تجعل اهتمامات المرء تتجاوز المحيط المحلي إلى المحيط العالمي

بنجامين گير يقول...

شكرا يا باسل على هذا التعليق. أنا فكرت في هذه المسألة عند كتابة التدوينة، وبدا لي أن كلمة «وطنية» أنسب من كلمة «قومية» في هذا السياق، لأن المقصود هو فعلا التمسك بما يسمى «مصلحة الوطن»، كما يتبين ذلك في الاقتباسات أعلاه. عندما يتكلم المصريون مثلا عن «مصلحة الوطن»، نسمي ذلك «وطنية» وليس «قومية».

وفضلت «دولية» على «عالمية» لأن المقصود هنا ليس رؤية إنسانية بحتة مبنية على فكرة وحدة الجنس البشري، وإنما هو رؤية تعتبر العالم منقسماً إلى شعوب، وتنظر من وجهة نظر شعب معين إلى الشعوب الأخرى لتقيّمها. كذلك نقول إن الأمم المتحدة «منظمة دولية» لأنها مهتمة بالعلاقات بين «الأمم» (التي نسميها الآن «الشعوب»)

بنجامين گير يقول...

بعد مزيد من التفكير، استنتجتُ أن باسل عنده حق، فاستخدام «وطنية» و«دولية» في هذا السياق قد يؤدي إلى سوء الفهم. عدّلتُ التدوينة وفقاً لذلك. ولكن أريد أن أشير إلى أن المشاعر التي نسميها «قومية» هنا، إنما هي موجودة أيضاً فيما يسمى «وطنية» عادة. كما أريد أن أؤكد على أن «الرؤية العالمية» التي نتحدث عنها هنا، إنما يبدو أنها لم تتجاوز الانقسامات القومية بعد.

متدرب يقول...

ليس بالضرورة ان يتحول المرء إلى كائن عالمي..

le linguiste يقول...

الدراسة في الخارج تمنحك فرصة النظر(للأشياء) من زاوية اخرى،وهي فرصة لا تقدر بثمن لمن يفهمها،أعتقد.

وانا متابع لما يعجبك من ابحاث.